السبت، ديسمبر 01، 2012

محكمة العدل في إسرائيل


لا يوجد في إسرائيل دستور مكتوب ، وإنما هناك قوانين أساسية يتناول كل منها موضوع معين من الموضوعات التي تتناول الدساتير المكتوبة ،بالنسبة للنظامين القانوني والقضائي هما مجموعة من بقايا الأنظمة التي سادت فلسطين في فترة الحكم العثماني والبريطاني مع التعديلات والتطويرات التي طرأت منذ عام 1948م – لليوم ، في البداية  بعد إعلان الدولة تضمنت أحد الفقرات  إنشاء جمعية  تأسيسية لسن دستور للدولة فإن الجمعية التي أنتخبت 1949م لم تستطتع أن تبني دستور مكتوب ، قامت بإصدار قانون إنتقال الذي تحولت إلى الكنيسيت الأول مع صلاحيات مزدوجة .(1)
الإحتلال العسكري كان مستعداً قبل العام 1967م بناء جهاز قضائي عسكري في المناطق المحتلة ، كانت الخطة التفصيلية بناء هذا الجهاز حاضرة  منذ عام 1963م وعملياً قام المدعي العسكري العام بدخول الأراضي المحتلة مباشرة مع جيش الإحتلال برفقة كل وحدة كان مستشار قانوني قاضيين عسكريين ونائبين عسكريين وطاقم إداري ،قام القائد العسكري مباشرة يوم 7/6/1967م بإصدار 3 إعلانات عسكرية  الأول يتعلق بسيطرة القائد العسكري على المناطق المحتلة من ناحية الإدارة  والأمن والنظام العام  والإعلان العسكري الذي يرتب أمر إقامة جهاز قضائي عسكري مباشرة  بعد الإحتلال المنشور رقم 3 المتعلق بسريان الأمر بشأن تعليمات الأمن منطقة الضفة الغربية1967م ،وهذا الأمر الذي لأرفق للإعلان رتب الإجرءات القانونية أمام  المحاكم العسكرية  وعرف الجرائم والعقوبات  التي يجب أن تلقى على المخالفين  للأمر  .(2)
هناك جهازا قضاء في إسرائيل  :
1-               جهاز المحاكم العادية يتكون من محكمة الصلح ، والمحكمة المركزية  ، والمحكمة العليا ،(3) وتعرف المحاكم العادية هي المحاكم التي تختص بالنظر في القضايا المدنية والجزائية  والإدارية  ، وتتدرج لتوفر درجتين من التقاضي ، محاكم الدرجة الأولى التي تنظر في القضايا لأول مرة وماحكم الدرجة الثالثة  تنظر في القضايا لثاني مرة استئنافاً ، وتحتل المحكمة العليا الدرجة الأعلى في هرمية المحاكم في إسرائيل ، تليها المحاكم المركزية ثم محاكم الصلح .  (4)
2-               جهاز المحاكم الخاصة  مثلا المحاكم الدينية التي تنظر في قضايا الأحوال الشخصية ، والحاكم العسكرية التي تظهر في قضايا الجنود الذين أرتكبوا مخالفات عسكرية أثناء تأديتهم خدمتهم العسكرية ، والمحاكم العسكرية للمدنين وخاصة الفلسطينين أتهموا بمقاومة الإحتلال ومحاكم العمل التي تتناول الدعاوي والنزاعات بين العامل وصاحب وصاحب العمل في قضايا علاقات العمل ، ومحاكم السير التي تنظر في قضايا مخالفات السير . (5)
المحكمة العليا : هي المحكمة الأعلى درجة في هرم المحاكم ، أقيمت 1948م ، بالنسبة لتركيبة المحكمة : تتكون من عدد من القضاة ذوي الخبرة  ، عادتاً تنظر هيئة من ثلاث قضاة في القضايا المطروحة أمامها ، أما فيما يتعلق بالقرارات والقضايا الدستورية فيتم توسيع الهيئة  إلى عدد فردي أكثر من 3 ، يترأس هيئة القضاة  رئيس المحكمة العليا ، وإذا غاب عنه فنائبه ، فإذا غاب عنه فالأقدم في الخدمة ، وإن تساوى قاضيان ، في مدة الخدمة فيترأس المحكمة أكبر سنناً . (6)
قرارات حكم المحكمة العليا تلزم جميع المحاكم الأدنى منها درجة وسلطات الحكم الأخرى في الدولة ، يوجد محكمة عليا واحدة وتقع في القدس ، في المحكمة العليا قضاة من ثلاثة إلى تسعة قضاة بحسب خطورة القضية وفي الحالات الإستثنائية تصل إلى أحد عشر قاضياً .
تعمل المحكمة العليا بوظيفتين :
1-               إعتبارها محكمة عليا للإستئنافات الجنائية والمدنية .
2-               إعتبارها محكمة عدل عليا .

عمل المحكمة العليا بإعتبارها محكمة للإستئنافات :
درجة ثانية أو ثالثة أو عليا ، المحكمة العليا تنظر في الإستئنافات على قرار  حكم المحكمة العليا بناء على طلب إعادة النظر في القضية تجتمع المحكمة العليا بتركيبة موسعه من شعبة إلى أحد عشر قاضياً للنظر في الإستئناف.
بإعتبارها محكمة عدل عليا ، المحكمة العليا من حيث أنها محكمة عليا تنظربإعتبارها درجة قضائية أولى وأخيرة في القضايا بين المواطنين وسلطات الحكم لا تعمل محكمة العدل العليا إلا بمبادرة ذاتية  إلا في حالة التوجه إليها والتوجه إلي محكمة العدل العليا يتم بواسطة تقديم تماس خطي يسمى مقدم الشكوى مقدم التماس ، تعمل محكمة العدل العليا بواسطة أوامر ضدد سلطات الدولة  وضدد كل من يعمل بوظيفة  عامة ، القاضي الذي يقبل  الإلتماس يصدر أمراً " إحترازياً" وهو يعني التوقف مؤقتاً عن أي عمل من قبل السلطة الحاكمة ويدعو المجيه للمثول أمام محكمة العدل العليا والرد على إدعاءات  مقدم الإلتماس خلال  ثلاثين يوماً من صدور الأمر  ، الطرفان مقدم الإلتماس والمجيبه يحضران المداولة وعلى طرف يقدم إدعاءاته  وبعدا أن تستمع المحكمة إلى الطرفين تصدر قرارها إذا  لم  تمثل  المجيبه أمام محكمة العدل العليا في الموعد المحدد يصبح الأمر نهائياً أي تقبل وجهة نظر مقدم الإلتماس .
وتمتلك المحكمة إصدار أوامر مختلفة هي :
أمر إحضار المتهم ، وهو قرار  إخلاء سبيل  أمر المحكمة (إعمل ولا تعمل )، حيث تصدر المحكمة أمر للسلطات المجيبه بتنفيذ عمل يوجب على السلطة  القيام به من أجل المواطن مقدم الإلتماس ، أو يوجب عدم تنفيذ عمل تجاه المواطن ، أوأمر المنع وأوامر الإستيضاح ،تصدر محكمة العدل أمر منع المحاكمة الخاصة في المحاكم الخاصة مثل المحاكم العسكرية  أو المحاكم الدينية لمنعها من النظر في قضية  معينة أمر من " نصبك " بإمكان  هذا الأمر منع أو إيقاف  تولي أو تعيين  شخص في وظيفة حكومية  إذا  كان  تعينيه  مخالف  للقوانين ولا تقتصر صلاحيات  محكمة العدل على المناصرة  وإنما عليها أن  تحمي حقوق الإنسان والمواطن بما في ذلك الحقوق  غير الراسخة في القانون  وإلزام السلطات بعمل ما يتماشى معها ، بسبب عدم  وجود دستور وقوانين الأساس  والحماية  ، جميع حقوق الإنسان والمواطن في إسرائيل . (7)
دور المحكمة  في الرقابة  على  المؤسسات :
1-               الرقابة  على  أعمال الكنيسيت  الإدارية  والتشريعية  ، تأخذ  المحكمة  على  عاتقها مهمة مراقبة أعمال الكنيسيت وإنتقاده ، وهذه المراقبة  تتم على مستويين ، الأول يتعلق بمراقبة  فعاليات  الكنيسيت  ، والثاني  يحضى  مراقبه أعماله في المهمات التشريعية  .
2-               الرقابة  على  فعاليات  الكنيسيت  : فهي  تتدخل في قرارات  الكنيسيت  ، كقرار  إبعاد عضو عن منصبه ، او رفع الحصانة عن أعضاء فيه ، أو ترتيبات  عمله الداخلية  ، لكن لا تتدخل إذا  كان من شأن ذلك أن يشكل إنتهاكاً لنسيج الحياة البرلمانية  ، قيم جوهرية  في النظام الدستوري .
3-               دور الكنيسيت في التشريع : نظرت المحكمة في دستورية  القوانين التي تصدر عنه من ناحية  توافقها مع القوانين الأساسية  ، كذلك  أخذت المحكمة  العليا على  عاتقها الرقابة  على  قوانين  تنتهك تشريعات حصينة في القوانين  الأساسية  ، كيف  قامت بإلغاء قوانين تنتهك حقوقاً منصوص عليها في القانون الأساسي كرامة الإنسان وحرية   والقانون الأساسي  حرية العمل ، كذلك قامت بتعديل عدة قوانين منها :
تعديل قانون الخدمات السريعة  بيزك 1982م لكن بعد فترة تم إلغاءه . (8)
كذلك الرقابة  على  بقية المحاكم  :
الرقابة  على المحاكم الدينية  ، حيث أن محكمة العدل قادرة  على تفعيل الرقابة  على  قرارات  المحكمة الدينية  ، وذلك عن خروجها عن نطاق الصلاحية  مثل إنتهاط قوانين العدل الطبيعي يعتبر خروج عن القوانين .
الرقابة  على  محكمة العمل القطرية  :
فالعلاقة  بين محكمة العدل العليا ، ومحكمة العمل القطرية  علاقة طويلة  حيث أن محكمة العدل أخضعت محكمة العمل القطرية  لرقابتها ، وكانت درجة  تدخل محكمة العدل العليا في قرارات  محكمة  العمل القطرية  مثيرة للجدل حتى في محكمة العدل نفسها .
الرأي السائد عادتاً عن إلغاء أو تقييد صلاحية محكمة العدل في مجال معين يلتبس كافياً القول إن القرار  في هذه  القضية  نهائي أو غير قابل للإستئناف  أو للإستئناف  الإضافي وبقيى الأمور على هذا النحو ، فمحكمة العدل مسؤولة على الحفاظ على قانونية وسلامة أفعال السلطات العامة  في الدولة  ، وقد يؤدي أي مساس  بهذا الدور إلى ضعضعة الأسس التي تقوم عليها سطوة القانون في الحياة العامة في الدولة  ، لذلك يجب أن تقرر إلغاء أو تعيين لصلاحيات  النقص القضائي لمحكمة العدل العليا  يجب أن يتم وفق  قرار  واضح وصريح من المشرع في الدولة . (9).












المراجع :
1-               كميل منصور ، دليل إسرائيل العام 2011، مؤسسة الدراسات الفلسطينية  ، الطبعة الأولى ، 2011م . صفحة 125.
2-               مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ، المحاكم العسكرية للإحتلال الإسرائيلي وإتفاقيات جنيف الرابعة  .
3-               مرجع سبق ذكره ، كميل منصور ، صفحة 147.
4-               جهاز المحاكم في إسرائيل ، وكالة وفا للأنباء .
5-               مرجع سبق ذكره ، كميل منصور ، صفحة 147 .
6-               مرجع سبق ذكره ، وكالة وفا .

7-               موقع ويبكبيديا العالمي
8-               مرجع سبق ذكره ، كميل منصور ، صفحة 151.
9-               مرجع سبق ذكره ، كميل منصور ، صفحة 153-154.

الجمعة، أبريل 06، 2012

حركة الأرض في فلسطين

إعداد رنا شحاتيت
حركة الأرض

          رغم كل المحاولات الرامية  إلى خلق  حزب عربي  في ذلك الوقت –عام 1948م – إلا أنا جميعاً باءت بالفشل  ، ونتيجة  غياب  أي تنظيم  قومي يمثل نضال  الشعب العربي  إلا أنه استطاع فريق من عرب  فلسطين سنة  1958م من إنشاء الجبهة العربية  التي سميت فيما بعد بالجبهة الشعبية الديمقراطية  بقيت الجبهة الشعبية  تعمل على تحقيق أهدافها حتى دب الخلاف  بين الجناح القومي والشيوعي منها ، عندها بدأ أصحاب الخط القومي وعلى رأسهم منصوركردوش وحبيب قهوجي بالتفكير بشكل جدي لإنشاء حركة عربية  مستقلة داخل فلسطين ، وعلى هذا الأساس دعى  كردوش وقهوجي لإجتماع حضرة كل من" محمود السروجي ، عبد الرحمن يحيى ، وتوفيق سليمان عودة ، ومسمارمن الناصرة ، زكي البحر" ، كان هذا الإجتماع الذي عقد في نيسان 1959 هو الإجتماع التأسيسي لحركة الأرض-1.
حركة الأرض  : هي حركة  سياسية  قومية عربية  تأسست في الجزء الذي أحتل من فلسطين عام 1948، وقد تم إختيار  هذا الإسم  للحركة في إشارة  للعلاقة القوية  بين الفلسطينين وأرضهم ، -2-،وقررت الحركة في الإجتماع لتأسيس صحيفة علنية  بالإسم نفسه ، كذلك بادر الجناح القومي في الجبهة الشعبية  والديمقراطية  بإعلانه أنه جزء من الشعب الفلسطيني  الذي هو  بدوره جزء من الأمة العربية  ،وأن هذا الجناح يناضل داخل البلاد من أجل المساواة بين العرب واليهود ، كذلك أصدر بيان من ضمنه طالبوا إسرائيل بالإعتراف بأن الحركة القومية العربية  هي الحركة  الحاسمة في المنطقة  ، أدركت الحركة  أن أي طرح من قبلها بإلغاء الإعتراف  الظاهري  بإسرائيل  يعني القضاء عليها  وهي في مهدها ، لذلك تلاشت هذا الخطر وقامت بطرح شعارات عامة  لا تعرضها للخطر المباشر  ، كذلك طالبت  الحركة في البيان الذي اصذرته طالبت السلطات الإسرائيلية بالحصول على ترخيص لإصدار  جردية  خاصة  بها إلا أن  السلطات ماطلت  في الرد على  هذا الطلب ،لجأت الحركة  للبحث عن  متنفس وعلى طريقة  وقوانين لمساعدتها على نشر  ماتريد ،فوجدت قانونا ص يبيح لكل مواطن أن يصدر نشرة لمدة واحدة دون ترخيص ، وبدأ أفراد الحركة بإصدار  جريدة  باسم جديد فصدر:
1-  العدد الأول بعنوان "الأرض" موقعاً باسم حبيب قهوجي ، وكان أشبه بالمجلة من حيث مواضيعه .
2-  العدد الثاني  بعنوان " الأرض  الطيبة " موقعاً باسم منصور كردوش .
3-  العدد الثالث  بعنوان " شذى الأرض"موقعاً باسم صبري جريس ، ثم أعداد أخرى  بعناوين مختلفة  مثل " ندار الأرض " و " هذه الأرض" .
بعد العدد السادس للحركة  شنت السلطة  حملتها  على الأرض  وأعتبرت عملها منافي للقانون ويعرض أمن الدولة للخطر  ، وبدأت السلطات تمارس  تجاه الأفراد في حركة الأرض  سياسة الترهيب  والترغيب  لدفعهم نحو الكف  ، وفي أواخر  عام 1960م عقد مستشار  رئيس الحكومة  الإسرائيلية  مؤتمر  صحفي في تلابيب شن فيه هجوماً عنيفاً على حركة الأرض ، وأغلقت السلطات إثر علاقة الجريدة وصاردت أعدادها  بعدا أن كان قد صدر  منها 3 أعداد ، وقدمت ستة  من محرري الجريدة للماحكمة  بتهمة التحايل  على القانون  وإصدار  جريدة دون ترخيص  ، وهؤلاء أسمائهم كما وردت في لائحة الإتهام هم " صبري جريس، حبيب قهوجي ، منصور كردوش، صالح برانسي ، محمود السروجي ، إلياس معمر" ، رغم كل ماحدث إلا أنه لم يمنع الحركة من إعادة تنظيم نفسها فعملت على إقامة  شركة الأرض المحدودة للطباعة والنشر  ، كان الهدف من إنشائها  الحصول على وسيلة  مشروعة لإصدار الجريدة الجديدة  مجدداً ، كذلك الحصول  على مصدر  مالي للحركة  ، وبعد صراع طويل  أقرت المحكمة العليا تسجيل الشركة  في أواخر  1960م ، وقد بيعت أشهم الشكرة  إلى مؤسسي حركة الأرض ومؤيديهم .
حتى ذلك التاريخ  -1960م- لم  تكن الأرض  قد إتخذت لنفسها  شكل تنظيمي  حزبي محدد ، كما أنها لم تطلق على  نفسها  من البداية  حركة الأرض  ، وإنما  سمت نفسها بأسماء مختلفة مثل " أسرة الأرض" ، ثم" حماية الأرض" ، "وشركة الأرض "، وأخيراً أصبح اسمها  "حركة الأرض" .
وبعد أن إستوفى  أصحاب  الشركة الشروط القانونية لجأوا للحصول على إصدار  لصحيفتهم إلا أن طلبهم رفض بحجة  أن المحرر المسؤول صالح برانس لا  يحمل شهادة الثانوية الإسرائيلية  ، وتبع ذلم محاولات لكنها فشلت جميعاً.
عام 1964م أكدت الحركة  مذكرة  طويلة عن أوضاع العرب  والمظالم التي يتعرضون لها وأرسلت نسخة  إلى الأمين العام للأمم المتحدة  وإلى الصحف العالمية  والشخصيات  المعروفة دولياً ، بدأت إسرائيل  بالتفكير  بشكل جدي لتصفية  حركة الأرض لاسيما وأن هذه الحركة نجحت في إقامة  خمسة  عشر  نادياً ثقافياً ورياضياًفي القرى العربية  ، بعد إعداد المذكرة حاولت حركة الأرض  تسجيل نفسها  كحزب سياسي  ووضعت لنفسها  أهدافاً تنص  على حق  الفلسطينين في تقرير مصيرهم في نطاق  الأماني العليا للأمة العربية  ، غير أن السلطات  الإسرائيلية  رفضت السماح لحركة الأرض  بالتسجيل كحزب سياسي وطالبتها بالحل ، واعتبرتها إسرائيل جمعية للمس  بكيان الدولة ، وقامت السلطات بإصدار  أوامر  بإعتقال قيادي الحركة  ، ومالبث حتى أصدر  ليفي أشكول رئيس وزراء إسرائي  في ذلك الوقت قراراً بحل شركة الأرض وحركة الأرض  وإعتبارهما خارجتان  عن القانون .
بقي نشاط الحركة  مجمداً حتى سنة 1965م إذ عادت للظهور ولأخر مرة  ، ولما كان مقرراً أن تجري الإنتخابات العامة  للكنيسيت قرر أعضاء الحركة  خوض معركة الإنتخابات  وأعدوا قائمة  باسم القائمة الإشتراكية  وكانت القائمة تضم  أربعة من قيادي الحركة  ، إضافة إلى  ستة من مؤيديها ، غير أن السلطات الإسرائيلية ردت على  هذه الخطوة بنفي  القياديين إلى أربع أماكن مختلفة  من فلسطين لتفوت عنهم فرصة المشاركة في الإنتخابات  ، وفرضت في نفس الوقت الإقامة الجبرية  وأعلنت لجنة الإنتخابات  رفض ترشيح القائمة  ، وقد كان هذا الإجراء نهاية  نشاط حركة الأرض  العلني  ، وعشية  حرب 1967م قامت السلطات الإسرائيلية  بإعتقال قيادة الحركة  وبعض  أعضائها ،وفي شهر أيار  عام 1948م طردت السلطات الإسرائيلية  حبيب قهوجي من فلسطين فتوجه إلى قبرص  بعد إعتقاله مع زوجته إعتقالاً إدارياً  دام أكثر من سنة  ، كما غادر صبري جريس فلسطين متوجهاً إلى أثينا ، لكن رغم ممارسات الإحتلال القمعية ومحاولاتها  لمنع قيام  تنظيمات سياسية  للدفاع عن حقوقنا إلا أن الدافع الوطني وحقنا في هذه الأرض يدفع للتحدي وإيجاد وسائل وآليات للتعبير ورفض  سياسة الإحتلال  مهما كانت الظروف .-3-

المراجع :
1-  حركة الأرض ، الموسوعة الفلسطينية ، القسم الأول ، المجلد الأول .

2-  أسعد غانم وأخرون ، دليل إسرائيل العام ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، 2010م صفحة 341.
3-  حركة الأرض ، مرجع سبق ذكره .




السبت، مارس 31، 2012

بحث قصير عن الحكم العسكري في فلسطين من عام 1948- 1966م


 إعداد لمساق في الجامعة  :

دخلت القوات البريطانية فلسطين عام 1917م و بادرت في تنفيذ وعد بلفور لليهود ففتحت أبواب الهجرة اليهودية لفلسطين،و بذلك بدأت بريطانية في تهويد فلسطين قبل أن يتقرر الإنتداب البريطاني فيها وفي 29/نوفمبر/1947 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة وجوب إقامة دولتين في فلسطين دولة يهودية و دولة عربية على ألا يتأخر ذلك عن أول/اكتوبر /1948م ،وعندما أعلنت بريطانية رغبتها في سحب قواتها من فلسطين قبل 14/آيار/1948م قرر زعماء الأحزاب و المنظمات اليهودية و الصهيونية في إجتماعهم لإعلان قيام الدولة اليهودية في فلسطين-1- ،حينها أدرك العرب خطورة إعلان الدولة اليهودية ،فتجمعت الجيوش العربية لتدافع عن فلسطين فهزمت، و قامت إسرائيل عام 1948م بارتكاب المجازر الوحشية ،ومصادرة الكثير من الأراضي الفلسطينية،وبذلك تتمكن من طرد السكان و مصادرة أراضيهم لإحلال المهاجرين اليهود على الأرض المسلوبة ،و بدأ الجيش الإسرائيلي بعد إحتلاله للقرى العربية يترك وراءه فرقاً عسكرية صغيرة لتحكم في هذه القرى وسكانها، شكلت فيما بعد ما يسمى بالحكم العسكري -2-،ونظراً لخطورة ما جرى في تلك الفترة فإن موضوع الحكم العسكري يحتاج إلى مزيد من البحث و الدراسة و التحليل للمظالم التي ارتكبها الحكام العسكريون بحق المواطنين العرب على مدى 18سنة،فما هو الحكم العسكري،وأين فرض،وما هي العوامل التي أدت إلى فرضه،وكيف تمثلت وحشية الإحتلال في ممارسته وسنضرب مثال على ذلك سكان النقب،وما هي النتائج التي ترتبت عليه.
مرت الأقلية العربية في أرضها  بالجزء المحتل من فلسطين في عام 1948م، بمراحل عصيبة وخاصة خلال الفترة التي امتدت منذ عام 1948م وحتى عام 1966م ،حيث ساد الحكم العسكري كل التجمعات الفلسطينية التي تستأثر نحو مليون ومئتين وثمانية وخمسين الف فلسطيني ،وكانت تلك الفترة قاسية جداً وتركت بصماتها المميزة في كل مجالات حياتهم سواء كانت الإقتصادية،الإجتماعية،السياسية،وغيرها-3- ،فما هو الحكم العسكري.
لوجئنا لتعريفة بشكل عام هو السيطرة على الحكم بالقوة وليس عن طريق تداول السلطة مثل الثورات و الإنقلابات العسكرية ،وهو من النظم الديكتاتورية تسيطر عليها القوة ولايتم تداول الحكم ولايتدخل الشعب في إختيار حاكمه،وهناك تعريف آخر وهو النظام المطلق السلطات في المناطق التي يسودها بحيث يسمح له فعل كل ما يخطر على بال الحاكم العسكري -4-، و يقوم نظام الحكم العسكري على أساس معاقبة أُناس ليس بسبب مخالفات ارتكبها أو مؤامرات حاكوها، وإنما بسبب مخالفات كان يمكن أن يرتكبوها -5-الحكم العسكري الذير طبقتة إسرائيل هو وليد في إنجلترا فقسم من صلاحياتة المطبقة في ذلك الوقت طبقت في إنجلترا أثناء الحرب العالمية الثانية ،لكنها أُلغيت بعد إنتهاء الحرب مباشرة ،ومن القوانين التي طبقت في الحكم العسكري قوانين الدفاع ،قوانين الطوارئ عام 1945م ، وقد قسم الإسرائيليون مناطق الحكم العسكري إلى  ثلاث  مناطق  :
1-    الحكم العسكري في الشمال : ويعيش  في المنطقة  الخاضعة  للحكم  حوالي 130 الف  مواطن  عربي  في  65قرية  ومدينة  صغيرة  ،-6- وتشمل  هذه المنطقة  الجليل  كله  ، وعكا وسهل  بيسان  ومرج بن عامر  بما في ذلك  مدينة  العفولة ، ولكنه  لايشمل  منطقة  الكرمل  وسهل فولون-7-.
2-    الحكم العسكري  في المنطقة  الوسطى  ، وتشمل  حوالي  50 الف  نسمة  يعيشون  في  27 قرية  -7- وتشمل  منطقة  المثلث  ووادي غارة  -8-.
3-    الحكم  العسكري  في  المنطقة الجنوبية  -النقب- يسكن فيها  حوالي 20 الف  من البدو  الرحل  وينتمون  إلى  18 قبيلة  -9- ، وتشمل  كل  مساحة النقب  ووادي  عربة  .
وهذه المناطق مقسمة لعدة  مناطق  صغيرة  في كل واحدة  منها  فرع للحكم العسكري  ، هو على  صله  بسكان المنطقة  فيما يتعلق  بالمواضيع  المنبثقة  عن  وظائف  الحكم العسكري .
تطبق قوانين  الحكم العسكري  على  العرب  فقط  ، سواء كانوا يسكنون  مناطق  الحكم العسكري  أم  لا ، في حين  تسري  على  العرب  الذين لا يسكنون مناطق  الحكم  العسكري ، والقيود التي تفيد تنقلهم  فقط  تسري  على العرب  الذين يسكنون  في مناطق الحكم العسكري  بالإضافة  إلى  قيود التنقل  جميع القوانين  الصارمة  الأخرى  ، أما بالنسبة  لليهود  سواء كانوا  داخل  مناطق الحكم العسكري  أو  خارجها  ، فإن قوانين الحكم العسكري  لاتطبق  ضددهم  -10-.
و تتكون القوانين التي يقوم الحكم العسكري من  170قانون  ،مقسمة الى 15فصل، تبحث في شوؤن الرقابة وتحديد حرية التنقل و حرية الكلام والصحافة من جميع نواحيها ،و الإشراف على وسائل النقل و تنظيم استعمال الأسلحة -11-، تطبيق هذه القوانين يؤدي إلى أضرار كبيرة على حرية الإنسان وأملاكه بصورة لا حدود لها و من أهم هذه القوانين:
أحد هذه القوانين الأساسية و الأكثر استعمالاً، المادة 125 التي تمنح الحكام العسكريين صلاحيه الإعلان عن مناطق معينة كمناطق مغلقة و تحديد الخروج منها و الدخول اليها، و هذه المادة القاعدة القانونية التي يفرض الحكم العسكري على السكان واجب تجهيز انفسهم بتصاريح للخروج أو الدخول في مناطق مغلقة ،وبهذا تمنع و تحدد حرية التنقل -12- ،تعتبر النقب أحد المناطق التي خضعت للحكم العسكري ،حيث قامت اسرائيل بترحيل 12عشيرة من أراضيها الواقعة غرب النقب و بين مدينة بئر السبع إلى الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة لعام 1967م خاصة لتلك المجموعات التي انتشرت في منطقة وادي الشريعة ،و لقد رحلت هذه المجموعات رغم إرادتها إلى منطقة آخرى تقع إلى الشرق من مدينة بئر السبع، ثم تم حصرها داخل المنطقة الجديدة التي سميت بالمنطقة المغلقة وقد منعها الحكم العسكري من مصادرة هذه المنطقة على مدى خمس عشر سنة ، و تعتبر المنطقة التي رحل منها البدو أخصب مناطق النقب ،وقد فرغت تماماً من السكان وذلك لغرض الإستيطان اليهودي و التي تمثلت بإقامة عشرات المستوطنات الزراعية فيها-13-، ورفض الحكام العسكريون السماح للبدو بمغادرة المنطقة المغلقة لأي عمل كان دون الحصول على إذن عسكري مسبق ،وقد منحت هذه الرخصة للتنقل  على يد الموظفين  العسكريين  الذين  تواجدوا  في بعض النقاط  ، حيث كانوا  يتواجدون  مرة أو مرتين  إسبوعياً -14- .
هناك  قوانين سنت لتمنح الحكم العسكري  صلاحيات  بأن يأم بصورة  إدارية  وضع أي شخص  تحت رقابة  الشرطة  ، أو يحيط الشخص  الشرطة  علماً  عن  تنقلاته  ، وأن يحدد  حرية الشخص  فيما يختص  بعمله المهني  وعمله  في نشر أخبار  ، والأمر  بسكن  منطقة  معينة  وعدم  مغادرتها  والمنع  من  تغيير مكان سكنه  أو الخروج من قريته  أو  مدينته  ، وأن يبقى  وراء أبواب  بيته  إبتداءً  من ساعة  الغروب  حتى شروق  الشمس ، وللشرطة  حث زيارته  في مكان  سكناه  في كل وقت  ، كذلك هناك  مواد تتيح الإعتقال  الإداري  على كل شخص  تقرر  سلطات  الحكم العسكري  بسبب ما  إعتقاله لفترة  غير محدودة  دون محاكمة  ودون توجيه  أي تهمة له  ، كذلك المادة  122 فإنها تمنح الحاكم العسكري  سلطة  إصدار  أمر  بنفي  أو طرد أي شخص  إلى خارج البلاد ومنع أي إنسان  من الخارج العودة إلى البلاد  ، كذلك تمنح المادة  119 الحكم العسكري  صلاحية مصادرة  أو هدم  ملك أي إنسان إذا كان للقائد العسكري  شك أنه أطلقت منه رصاصة أو أُلقيت منه قنبلة  ، كذلك هناك الكثير من القوانين التي تتيح للحاكم  العسكري  صلاحية  إعلان منع التجول  شاملاً أو جزئياً في قرية  معينة  ، كذلك تمنح الحكم العسكري  صلاحية  منع أو إباحة  أو تحديد تنقل الناس والآت النقل  ، والحيوانات في شوارع معينة   ، وهناك قوانين  تمنح الحكم العسكري  سلطة  مراقبة  بيع السلاح والإحتفاظ به أو إستعماله  ومنع تحديد  وتنظيم شراء أو بيع هذه الأدوات أو الذخيرة أو المواد المتفجرة -15- .
أما بالنسبة للقاعدة القانونية  الثانية  التي  يرتكز عليها  الحكم  العسكري  ، فهمي  قوانين الطواريء  - مناطق الأمن – 1949م :
وقد سن هذه القوانين  وزير الدفاع ، وتمدد هذه القوانين  كل سنة بواسطة  سن قوانين خاصة ، مثلا ً يفرض قانون الطواريء على  مناطق  الأمن نفس القيود التي  تفرضها  قوانين  الدفاع  على  المناطق المغلقة  ، وتمنع  الدخول  إلى  هذه المنطقة  دون  تصريح  خطي من  القائد العسكري ، وزيادة  على  تلك  القيود  فإن قوانين  الطواريء تمنح  وزير  الدفاع صلاحيات  خطرة جداً وهي إخراج السكان  الذين  يسكنون  في هذه المناطق  - منطقة الأمن بصورة  دائمة  - إلى خارج  مناطق  سكناهم ،بواسطة أمر يصدر  عن وزير الدفاع -16- ، ومن خلال  هذه القوانين  والصلاحيات يتضح لنا  أنها تحول  الحكم  العسكري  إلى   دولة داخل دولة  من حيث إمتلاكه تشريعات  وقضاء وتنفيذ ، ومجرد  تطبيق  هذه الصلاحيات بغض النظر  عن إستعمالها  لأغراض شريرة  ،يمكن أن يحمل أذى  عظيم  على كل  مواطن  يقرر الحكم العسكري  إستغلال هذه الصلاحيات ضدده ، وحسب تطبيق  هذه القوانين  ، فإن القرار بتطبيق  الصلاحيات التي  ذكرت  ، متروك لتقدير الحكم العسكري  لتطبيقها  في كل حادث يعتقد أن تطبيقها  فيه مطلوب  لتأمين سلامة الجمهور  ، أمن إسرائيل  ، المحافظة على  النظام  العام  ، وسحق  إنتفاضة  أوثورة أو تمرد  أو توفير  التمويل  والخدمات الحيوية  للجمهور  ، وهذا  الحكم  يمكن عملياً من التدخل  في كل نواحي الحياة  للمواطنين  الذين يعيشون في نطاق سلطته -17- .
ومن أجل ضمان تطبيق  هذه الصلاحيات  لمعاقبة من يخالفها ، أقيمت محاكم عسكرية  التي تهتم  بالنظر في القضايا التي تخالف القوانين ، وهناك  محاكم عسكرية  خاصة  بجيش الدفاع الإسرائيلي  والمحاكم العسكرية  ، فالأولى  تعني أنها محاكم لمحاكمة جنود ، ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي ، أما الثانية فتقضي فقط في شؤون المدنيين  الذين يخالفون تعليمات قوانين الدفاع – حالة الطورايء – وليس هناك أي صلة بين المحكمتين -18-.
وتقسم المحاكم العسكرية إلى نوعين  :
1-    محكمة عسكرية  مكونة من رئيس  برتبة ضابط ميداني أو ذي رتبة  أعلى ، ومن عضوين  أخرين معينين يكونان ضابطين بأية رتبة  ، ويعين الثلاثة  القائد العام للجيش  ، ومن صلاحياته النظر في أي مخالفة  ضدد قوانين الدفاع ، أو تفرض  أي عقوبة من صلاحيات المحكمة  المركزية فرضها بما في  ذلك عقوبة السجن المؤبد والإعدام .
2-    محكمة عسكرية   عاجلة  : مكونة  من  ضابط  واحد في القوات  الحكومية  ويعينة  القائد العام  ، لكن  هذه المحكة  لا تملك  فرض  أي عقوبة  سجن ، -19-.

لايوجد أي إمكانية  لإستئناف  أحكام المحاكم العسكرية  أمام أي محكمة  أخرى عسكرية  كانت ام مدنية  ، لكن السلطات  العكسرية  التي  تتكون  من قائد  عام  ووزير الدفاع  ، تملك صلاحية  تخفيف  أو حتى  إلغاء حكم  المحكمة  ، أو الأمر بإجراء  المحكمة من جديد  لكن عدل القانون  سنة  1963م ومنحت إمكانية  الإستئناف  .

تحدثناعن هذا النظام كثيراً ، لكن كيف يعمل هذا النظام من ناحية  تطبيق القوانين  ، فيعتمد وزير  الدفاع  في صلاحياته الممنوحة  بموجب قوانين الطورايء ، وعين قادة  وحكام عسكريين  لثلاث مناطق رئيسية  تمتمد على  مساحات واسعة  من الدولة (الحكم العسكري  في مناطق الشمال، والمنطقة الوسطى  ، والجنوب  )، وفي هذه المناطق كان يعيش  حوالي  755 من السكان العرب  في البلاد  ، كما أن قسماً من هذه المناطق قسم بقرارت  من  الحكام العسكريين  أنفسهم إلى وحدات صغيرة  أطلقت عليها إسم المنطقة المغلقة  -20-، بالنسبة  لمناطق  الحكم  العسكري  والمناطق  المغلقة  ، فلا احد في الدولة يعرفها  ، أما بالنسبة للمواطن  الذي يريد  الخروج  منها أو الدخول  إليها  بدون تصريح  ملزم أنو يتوجه كل مرة  إلى مكاتب الحكم العسكري  القليلة  ، أو إلى مراكز الشرطة  التي  لايعرف أكثرها  المعلومات المطلوبة  لكي يعلم  أين يستطيع  أن يتجول بدون تصريح  ، ومثل هذا المواطن  إذا دخل منطقة مغلقة  أو خرج منها بدون تصريح  يتهم بمخالفة  قوانين الدفاع ، رغم حقيقة  أن المواطن لا يعرف وليس بإمكانه  أن يعرف حدود هذه المناطق ، وأن هذه الحقيقة  لا تعتبر حجة في الدفاع عن نفسه  أمام المحاكم العسكرية  ، لكن بمرور  الوقت  أصبح أكثر المواطنين يعرفون ما تشمله  مناطق  الحكم  العسكري  سواء عن طريق  الإتصال اليومي  مه هذا الحاكم  ، أم عن طريق الأخبار  التي  نشرت في الصحف  أو مما نشر في مطبوعات حكومية  مختلفة  -21- .
فلو طرحنا على أنفسنا سؤالاً كلنا نعلم أن إسرائيل كانت في بداية تكوين نظام دولة جديد وهناك علاقات غير ودية بينهم وبين العرب ، فالسؤال المهم لماذا فرضت إسرائيل هذا النظام الظالم  في بداية تكونها ، وماهو الهدف من فرضه ؟ ... فالحكم العسكري يتدخل في حياة المواطن  العربي من يوم ولادته  حتى يوم وفاته  ، ففي يديه القرار  النهائي فيما يتعلق بشؤون العمال  ، والفلاحين  ، أصحاب المهن ، التجار  ، المثقفين  ، وشؤون التعليم  ، والخدمات الإجتماعية  ، إن الحكم العسكري  يتدخل في أمور  تسجيل السكان والولادات والوفيات  وحتى الزواج وشؤون الأراضي وتعيين المعلمين  والمواطنين وإقالتهم  ، كذلك يكثر تدخله التعسفي  في شؤون الأحزاب السياسية  والنشاط السياسي  والإجتماعي  وشؤون المجالس المحلية  والبلدية ، السكان العرب  يرون أن الحكم العسكري  مؤسسة قائمة  من أجل تحقيق  ثلاثة أهداف  : تسهيل عمل السلطات حينما تقرر مصادرة  أراضي ، والتدخل في الإنتخابات البرلمانية  للكنيست ، المجالس البلدية  لصالح حزب الماباي  وصالح مجموعة من  المنافقين  العرب  الذين يفعلون  مايقول  لهم الحزب  ، ومنع تكون وإقامة أية حركة سياسية  مستقلة مرتبطة  بأي حركة  سياسة  أخرى  -22-.
تعرفنا للهدف الذي فرض من أجله هذا النظام ، لكن  ماسبب وجوده علماً أن إسرائيل لم تكن تملك شيئ قبل فرض  هذا النظام ، سنتعرف على بعض  اراء  لليهود أنفسهم حول أسباب  فرض هذا النظام   منهم من يقول  أن أحد الإدعاءات الرئيسية  الذي يسمع من أفواه المسؤولين هو أن هذا النظام  ضروري لضمان  المصالح الحيوية للدولة  ،خاصة  وفوق  كل شيء مصالح  الأمن ، إنهم يقولون أنه بدونه  سيوجد خطر جدي  يجر  إلى  أسباب  فرضه  -23- ، ومنهم من يقول  أن سبب وجوده فقد قال مناحييم بيغن  نائب  الكنيست في ذلك الوقت  " أن الحزب الحاكم  يستغل الحكم العسكري  لأغراضه الخاصة  ، ويقول  أنا أعتقد  أن هذا الأمر صحيح فمن المؤكد أن حزب الماباي  يستغل الحكم العسكري  لأهدافه الخاصة  " – 24-.
إنهم يقولون أنه بدونه سيجد خطر جدي يجر إلى  زعزعة حكم اليهود في البلاد  وحتى  إلى خراب  الدولة  حسب إدعائهم  إقيم الحكم العسكري  منذ البداية  بسبب ضرورات  أمنية ولايزال  مستمر  بالإهتمام  بمثل  هذه الأمور  الأمنية فقط -25-،ومن المعقول  أن الحكم  العسكري  أقيم لحفظ الأمن خصوصاً وأنه جاء في بداية  وجود  النظام  الجديد – الإسرائيلي – وكان هذا النظام يصدم مع العرب  لكن  عملياً إنقلب هذا الحكم  خلال فترة  قصيرة  جداً من نظام  إقيم للإهتمام  بالمواضيع الأمنية  إلى أداة  حزبية   بارزة  لخدمة  - حزب عمال أرض إسرائيل – أو بتعبير أدق  لخدمة  أوساط ضيقة  ذات سلطة  حاكمة  داخل تلك الحزب ، وتسعى للحصول  على  ماكسب  حزبية  مموجة على  حساب المصالح الوطنية  لدولة إسرائيل  -26-،كذلك بالنسبة  لرأي نائب الكنيسيت  - يجال ألون  قائد البلماخ مسبقاً- يقول" أن الحكم العسكري  بسبب عدم وجود مهمات  أمنية  مباشرة  له يترطز في نشاطه على أمور  ذات طابع  داخلي سياسي بصورة خاصة مثل إقامة نظام مانع ضدد  قيام تنظيمات سياسية  غير مرغوب فيها -27-
كذلك هناك إدعاءات  تقول  أن سبب  فرض الحكم  العسكري  ووظيفة الحكم العسكري  هي ردع عناصر  معادية  في أوساط عرب إسرائيل  لمنعهم من تنفيذ مؤمراتهم -28- .
وأخيراً لا بد الحديث عن النتائج التي ترتبت على الحكم العكسري ولكن بأراء يهودية  فمثلا ، يقول  نائب الكنيسيت في حزب المابام –يعقوب حزان – أن هذا الحكم لا يخدم دولة إسرائيل  ويتناقض  مع أسس العدل والقانون ... قد عمل الحكم العكسري  على عزل المواطن العرب  بواسطة التمييز  ضددهم  في مختلف مجالات  الحياة  ، وتحويلهم عملياً إلى مواطنين  من الدرجة  الثانية  ولقد عمق  الحكم العسكري  وقوى  الخطر سيطرة العناصر السلبية  في تصرفات المواطن العربي  ، إن الحكم العسكري  يصنع بيديه من الأقلية العربية  قلعة  من  الشعور  بالإهانة  القومية  والتمييز  والغربة  ، ونتيجة  هذا كله  هو توليد  الكراهية  -29- ، وهناك أراء يهودية  تقول " أن الحكم العكسري  ليس سوى  عامل  سلبي  يثير الغضب  ويعرقل  عامل  لا مفر  له  من  تسميم العلاقات  بين اليهود والعرب  وزعزعة  أمن الدولة  بدل من تقويته -27-، ولقد كتب  ميخائيل  أساف  في مجلة  "بطيرم" 15/5/1953م  يقول : " سواء كان الحكم العسكري يقصد  أم لايقصده  فإنه  في كل يوم  وبمجرد  وجوده وتصرفاته  يدفع كل عربي  إلى أن يصبح  كارهاً  للدولة أو مخرباً للدولة، ذلك لإن بقاء الحكم العكسري  كله  يقوم  على  أساس  معاقبة  أُناس  ليس بسبب  مخالفات  إرتكبوها  أو مؤامرات  حاكوها  ، وإنما بسبب  مخالفات  كان يمكن  أن يرتكبوها  ، حسب تقديرات الحكم العسكري  أي معاقبتهم  لمجرد كونهم عرباً " -30-.
ومنهم من يقول  أن وجود الحكم العسكري  يؤدي إلى ظواهر كإحتقار النفس والتسلق  تجاه  السلطات  التي بيدها اللسلطة  لمنح تصاريح  التنقل  وغيرها  من  المغريات  ، إن  هذا الوضع  يلغم  المستوى  الأخلاقي  للجمهور  ويقلل من إحترام  الأقلية العربية  للدولة  -31-.
أما بالنسبة  للجانب الإقتصادي  ،فقبل عام  1948م  كانت الصناعة  والأعمال  الحرة  في فلسطين  هي الأكثر تقدماً  في العالم  العربي  حيث تمركزت  الفعاليات  التجارية  في المدن  الكبرى  مثل  يافا  وحيفا  ، ونتيجة  لحرب 1948م  تم تهجير  معظم رؤوس الأموال  من  البلاد  ، وتمت  مصادرة  العديد من الأملاك  التي  تركوها  وراءهم  ، كما  لم  يسمه  الحكم العسكري  لللإقتصاد  الفلسطيني  بالنهوض  من جديد  فقد  هدفت  سياسة  الحكم العسكري  إلى  منع تطور  الإقتصاد  الفلسطيني  من  خلق  إقتصاد عربي  ذي إكتفاء ذاتي  ، لإنه يشجع  الفعاليات  العدائية  على  حد تعبيرهم  ، لقد كانت فترة  الحكم  العسكري  الإسرائيلي  حيوية  ، حيث  عملت على خنق  تطور  الإقتصاد الفلسطيني  بينما  الإقتصاد اليهودي  يحكم قبضته  على  مصادر  الدولة  وفعاليتها  الإقتصادية  -32-.
أما بالنسبة  لتأثير الحكم العسكري  على  الفكر الفلسطيني  ، فقد كانت  السنوات العشرون  الأولى  لقيام  الكيان الصهيوني  1948-1967م كابوساً كبيراً  على صدور  أبناء فلسطين المحتلة ، فقد وضعوا  تحت حكم عسكري  عدواني  يغيض ، وغادر نتيجة الحرب  معظم  المثقفين  وقادة الأحزاب  ورجال الفكر  الفسيطينين بما كان  غالب  من تبقى  من الفلاحين  البسطاء ، مما أوجد أزمة  في القيادة  والتوجيه  ولم يجد  الفلسطينيون ما يعبرون  به عن توجهاتهم  السياسية  إلا  من خلال الأحزاب  الإسرائيلية  ، وجرت محاولات  لغسل أدمغة  الفلسطينيين  ومحو هويتهم  الوطنية  والثقافية  -33-.
رغم  وجود العديد من المعارضين  اليهود لبقاء الحكم العكسري  إلا أن  إسرائيل  إستمرت  بفرضه  للنيل  من  العرب ، ولقد  تفننت إسرائيل  في إبتداع الحجج القانونية  من أجل الطعن بحقوق وحياة الفلسطينين  ، أحكمت إسرائيل  سيطرتها  في فترة الحكم العكسري  والتي  امتدت  مذ عام  1948- 1966م  حينها  مارست إسرائيل  كل أشكال القمع والترهيب والظلم  وهدمت البيوت وصادرت الأراضي  وأعدمت ونفت وقتلت من قتلت ،وهكذا يبقى الحكم العسكري  السيدة  نفسها لكن بملابس  مختلفة  .



المراجع :
1-    صبري جريس وأخرون  ،دليل إسرائيل  العام  ، مؤسسة الدراسات  الفلسطينية  ، بيروت  مارس 1996 ، الطبعة  الأولى  ، صفحة 3 .
2-    إلياس  جبور  جبور  ، الحكم العسكري  ، موقع الجبهة الديمقراطية  للسلام والمساواة  ،الأربعاء 23/12/2009م .
3-    نبيل  السهلي ،الفلسطينيون  داخل الخط الأخضر أشجار الصبار  في مواجهة  الإحتلال  حقائق  ديمغرافية  وإقتصادية  وسياسية  ، دار صفحات ، 2008 م  ، الإصدار الأول  ،صفحة  7.
4-    صبري جريس ، العرب في إسرائيل  ،مركز الأبحاث  منظمة التحرير  الفلسطينية  ، المؤسسة العربية  للدراسات  والنشر  ، حزيران  1967م ، صفحة  30.
5-    صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  69.
6-    صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  43.
7-    صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  40.
8-    صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  43.
9-    صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  41.
10-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة 48.
11-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  20.
12-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  21-26.
13-           غازي فلاح ، الفلسطينيون المنسيون عرب النقب 1906م-1986م ، تشرين الثاني  1989م ، صفحة 120.
14-           غازي فلاح ، مرجع سبق ذكره ،صفحة 123-124 .
15-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  21-26.
16-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  28-29.
17-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  30.
18-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  27.
19-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  28.
20-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  38.
21-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة39.
22-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  95.
23-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  70.
24-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  70.
25-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  62.
26-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  64.
27-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  65.
28-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  85.
29-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  67-68.
30-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  69.
31-           صبري جريس ، مرجع سابق ، صفحة  71.
32-           الإقتصاد العربي لفلسطيني 48 من بداية  التسعينات  حتى العام  2000 ، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية  "وفا".
33-           المركز الفلسطيني  للإعلام  ،الفصل  الثاني  ، شعب فلسطين  .