الأحد، أكتوبر 19، 2014

معركة الكرامة ، كتابة رنا شحاتيت



معركة الكرامة :
هي معركة فاصلة في تاريخ الثورة الفلسطينية ،والتي دارت رحاها في بلدة الكرامة الأردنية في غور الأردن بتاريخ 21/3/1968م والتي اشترك فيها الفدائيين الفلسطينين والجيش الأردني والقوات الإسرائيلية من جهة أخرى ، وصف الإسرائيليون هذه  المعركة بالهزيمة النكراء فقد أطلق عليها من شهادات الجيش والإعلام الإسرائيلي ، منهم من أطلق عليهم " جهنم في الكرامة " " هزيمة الكرامة " بهذه الأوصاف  نعت الإسرائيليون قريتهم في الكرامة الخالدة 21 آذار  1968م التي كتب سطورها بواسل الجيش العربي بأحرف من ذهب في التاريخ العربي المعاصر ، حدثت المعركة على ثرى غور الأردن والذي سطر فيها الجندي الأردني أروع ملحمة بطولية تاريخية وسجل أول نصر تاريخي على الجيش الإسرائيلي المتغطرس ، وحطم أسطورته وغروره ، ونقشت معركة الكرامة بطولة جنود الجيش العربي على صفحات التاريخ .
الهجمة العربية  التي كانت في أسوأ أحوالها أثر هزيمة 1967م أنطلق من بمقامها عبر بوابات الجندية الأردنية لتحرير الأرادة العربية  وإعادة الثقة للجندي العربي والجيش العربي ، قال الحسين بن طلال عقب المعركة " إن إسرائيل لديها معدات وموارد لكننا أيضاً نعلم أننا هنا نعيش وهنا سنموت وإذا قدر لنا  أن نموت فإننا سنحاول أن يكون الثمن غالياً " كان يقوم العدو الإسرائيلي بحشد أفضل قواته المدربة والمجهزة بأحدث الأسلحة على ضفة نهر الأردن  وقد ضاعفت من نشاطها في الكشف والأستطلاع والتصوير في المواقع الأمامية قرب نهر الأردن ومقابل غور الصافي وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة ترصد المعلومات عن الشحود الإسرائيلية ، في 14 أذار 1968م أفادت المعلومات بأن العدو الإسرائيلي يقوم بحشد قواته على ضفة النهر واستطاعت قواتنا تحديد ساعة الصفر للهجوم حيث كانت الساعة5:30 في يوم 21أذار تم اشعار الوحدات الأمامية بساعة صفر .
كانت حسب اللواء المتقاعد عادل بني محمد الذي رأس المنطقة العسكرية الوسطى ل 3 سنوات للقوات الأردنية ومعها فدائيون يقدر عددهم بأقل من 100 مقاتل تصدوا لهذه القوات بكل كفاية وبمهمة قتالية عالية وجرت المعارك داخل مدينة الكرامة بالسلاح الأبيض  وتكبد العدو خسائر فادحة في الأرواح ولم يكن قادر على استعمال طيرانه وكانت أكبر الخسائر التي تكبدها  أثناء انسحابه من أرض المعركة إذ كانت قوة من الجيش الأردني تنتظره منذ الصباح وأثناء الإنسحاب تصدت له بالمدفعية وكافة الأسلحة وقد كانت للمفاجأة أثرها إذا لم تكن قوات العدو تتوقعها وكانت الخسائر كبيرة جداً غير متوقعة لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي تطلب الحكومة الإسرائيلية وقف إطلاق النار .
بالنسبة لنتائج المعركة تتحدث الأرقام عن نفسها من خلال استعراض خسائر الطرفين قدمت القوات الأردنية 86شهيد ، 108  من الجرحى ، خسرت 13 دبابة  ،39آلية  مختلفة ، تكبد الإسرائيليون 2500قتيل ، 450 جريح تدمير 88 آلية شملت 27 دبابة  18 ناقلة 24سيارة  مسلحة  19 سيارة شحن ، اسقاط 7 طائرات مقاتلة .
اعترف حينها الإعلام والجيش الإسرائيلي بقوة النار التي فرقت القوات الإسرائيلية  ودباباتهم ومدفعتيهم .
من المقولات التي نشرها مدونون إسرائيليون " الذي نشره أفتيار بن تسيدن قال "اعتراف واضح وصريح بأول هزيمة عسكرية يتذوقها الإسرائيليون منذ اغتصابهم فلسطين عام 1948م يقول بن تسيدف أحد الجنود المشاركين في معركة الكرامة " مرت أعوام من هزيمتنا في معركة الكرامة وهي أكثر الهزائم التي جرحت إسرائيل في الصميم ".
ويظهر على الموقع الإلكتروني الخاص برابطة المحاربين القدامى لسلاح المظليين الإسرائيليين موضوع معركة الكرامة تحت عنوان " معركة دموية في الكرامة " سرد فيه أن المدفعية الأردنية أبلت بلاءاً  حسناً خلال المعركة وأفشلت جهود مضيئة  لإحدى وحدات سلاح الهندسة الإسرائيلي التي كانت تحاول مد جسر فوق جسر الأمير عبد الله لتمكين الدبابات الإسرائيلية من العبور عليه باتجاه الأراضي الإسرائيلية .
ويضيف الموقع أن دبابات ومدفعية الجيش العربي الأردني فاجأ  قوة المدرعات الإسرائيلية  في المعركة وتمكنا من إصابة  عدد من الدبابات الإسرائيلة وأحرقها بالكامل وأجبرت الدبابات  على الدخول في مناطق مليئة  بالطين والوحل مما منعهم للإستعانة بسلاح الجو لتخفيف الضغط على القوات البرية  من لهيب المدفعية  ونيران الدبابات .




سبب الحرب :
محاولة قوات الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الشرقية  لنهر الأردن لأسباب تعتبرها إسرائيل استراتيجية ، كان التوتر بين الجانبين الأردني والإسرائيلي  بدأ قبل احتلال إسرائيل للضفة  الغربية  من  نهر الأردن  والتي كانت خاضعة  للمملكة الأردنية  الهاشمية  بعد حرب 1948م  حافظ فيها الجيش العربي الأردني على كامل الضفة الغربية  بما فيها القدس الشريف وأحتضن المقاومة الأردن المقاومة الفلسطينية  .

سمات المعركة :
 امتازت معركة الكرامة بتفوق العدو عدداً واستهتاره بالقوة العربية  سواء الفدائيين الفلسطينين أو الجيش الأردني ، كذلك ثقة العدو بالنصر  ، وعلى عكس الحروب الحربية السابقة  كانت قيادة  معركة الكرامة قيادة واعية  صامدة مضحية لأجل الأرض ، كان كل نصر في المعركة  يشكل بداية  لمرحلة جديدة لتحقيق مزيد من النصر ، وامتازت المعركة بالتلاحم بين الفدائي والأردني ، على عكس كل الحروب التي سبقت مثل حرب 48 والتي كان الإنقسام العربي فيها سبباً في الهزيمة ، كانت المعركة تشكل ميلاد فجر جديد في مسيرة النضال  ومحطة  لتحولات لاحقة أعادت كرامة العربي أول  نصر عربي على إسرائيل ، ونتيجة لذلك تضاعفت المقاومة في تمثيل الشعب الفلسطيني .

أهداف الهجوم الإسرائيلي في معركة الكرامة :
كانت القوات الإسرائيلية  تهدف بدايةً  إلى إيقاف العمل الفدائي الفلسطيني ، كان موشي ديان وزير الدفاع في ذلك الوقت يعتقد أن هذه مهمة سهلة لا تحتاج إلا لساعات معدودة ، بالإضافة  أنها كان تهدف لمعاقبة الأردن على   أحتضانه للعمل الفدائي الفلسطيني  وإمداده  للفدائيين  خلال اشتباكاتهم  مع الجيش الإسرائيلي ، والأهم من ذلك كله كانت تهدف لإحتلال مرتفعات السلط وتحويلها لحزام أمني لإسرائيل .
رغم أن إسرائيل  أعلنت أنها قامت الهجوم لتدمير قوة المقاومة الفلطينية إلا أنه الهدف لم يكن كذلك كما تبين الوثائق التي حصلت عليها المحابرات الأردنية  قبل أيام من المعركة حشدت إسرائيل قواتها لإحتلال مرتفعات البلقاء والإقتراب من العاصمة عمان وضم أجزاء جديدة من الأردن وتحويلها إلى جولان أخرى للتخلص من الهجمات المستمرة التي كان يقوم بها الفلسطينيون ، وكانت إسرائيل تسعى كذلك لإرغام الأردن على قبول التسوية  والسلام الذي تفرضه إسرائيل وبالشروط التي تراها وكمان تفرضها من مركز القوة ومحاولة وضع  ولو موطيء قدم على أرض شرقي نهر الأردن بإحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمني إسرائيلي .

نتائج المعركة :

1-            حققت المعركة نجاح باهر في إنهاء أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لايقهر خاصة أنها جاءت بعد نحو عشرة أشهر على عدوان الخامس من حزيران 1967م.
2-            جاءت المعركة في وقت كانت فيه الأمة العربية بحاجة إلى بارقة أمل يرفع عنها غبار القنوط واليأس الذي أكتنف الشعور العام للأمة العربية  بعد نكسة 1967م  .
3-            كانت المعركة نقطة تحول في تاريخ العرب المعاصر حيث استطاع الفدائيون الفلسطينون مع إخوانهم في الجيش الأردني أن يثبتوا للعالم أن أمتنا العربية  والإسلامية  قادرة على إحراز النصر .
4-            شكلت المعركة بداية  الأنتصار ضدد العدوان والظلم والغطرسة  الصهيونية .
5-            كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبيرة بالنسبة  لحركة فتح خاصة والمقاومة الفلسطينية  عامة  تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية  والتظاهرات الكبرى  قوبل بها الشهداء في المدن العربية  التي دفنوا فيها والإهتمام المتزايد من الصحافة الأمنية  بالمقاومة الفلسطينية  مما شجع بعض الشباب الأجانب على التطوع في صفوف المقاومة .
6-            أعطت معركة الكرامة معنى جديد للمقاومة تجلى في المظاهرات المؤيدة للعرب والهتافات المعادية التي أطلقها  الجماهير في وجه وزير خارجية إسرائيل  أبان جولته 7/5/1968م في النرويج والسويد حيث سمعت الآف الأصوات تهتف عاشت فتح .
7-            كانت معركة الكرامة نوعاً من استرداد جزء من الكرامة التي فقدها العرب منذ حزيران 1967م ، القوات المسلحة العربية لم  تتح لها فرصة القتال  ففي معركة الكرامة  أخفقت إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية  والإستراتيجية  لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت في زيادة خوفهم وإنعزالهم .


تعليقات على معركة الكرامة:

وبعد انتهاء المعركة صدرت العديد من ردود الفعل كان أبرزها، قول الرئيس الشهيد ياسر عرفات إن "معركة الكرامة شكلت نقطة انقلاب بين اليأس والأمل، ونقطة تحول في التاريخ النضالي العربي، وتأشيرة عبور القضية الفلسطينية لعمقيها العربي والدولي".
صحيفة "نيوزويك" الأميركية نشرت بعد معركة الكرامة: "لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم، وإن نتائج المعركة جعلت الملك حسين بطل العالم العربي".
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي في حينه حاييم بارليف، في حديث له: "إن إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران"، وقال أيضا في حديث آخر، "إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يعتاد الشعب في (إسرائيل) على مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصر حاسم لقواتنا".
وعلق أحد كبار القادة العسكريين العالميين، رئيس أركان القوات المسلحة في الاتحاد السوفياتي في تلك الفترة المارشال جريشكو، "لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية".
أما رئيس أركان الجيش الأردني حينها، الفريق مشهور الجازي فقال، "أقول بكل فخر، إنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الأردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار: كل البنادق ضد إسرائيل فكانت النتيجة مشرفة".
قال حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي في تصريح لوكالة اليونايتد برس يوم 29/3/68 "أن (إسرائيل) فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاث مرات ما فقدته في حرب حزيران حيث تصدت لها القوات الأردنية بكل ضراوة"و وصف قائد مجموعة القتال الإسرائيلية المقدم أهارون بيلد المعركة فيما بعد لجريدة دافار الإسرائيلية بقوله: لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط.
قال حاييم بارليف رئيس أركان الجيش الإسرائيليي في حديث له نشرته جريدة هارتس يوم 31/3/68 " إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في (إسرائيل) مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصرلقواتنا، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا والياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة.
قال أحد كبار القادة العسكريين العالميين وهو المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفياتية في تلك الفترة: لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية.
طالب عضو الكنيست (شموئيل تامير) بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في نتائج الحملة على الأرض الأردنية، لأن عدد الضحايا أكثر نسبياً في القوات الإسرائيلية.
قال عضو الكنيست الإسرائيلي شلومو جروسك  لا يساورنا الشك حول عدد الضحايا بين جنودنا، وقال عضو الكنيست (توفيق طوني) لقد برهنت العملية من جديد أن حرب الايام الستة لم تحقق شيئاً ولم تحل النزاع العربي الإسرائيلي


المراجع :
1-          معركة الكرامة " يوما من أيام العرب الخالدة " ج 1 من 2
2-          معركة الكرامة 21 آذار 1968
3-          معركة الكرامة
4-          معركة الكرامة " يوما من أيام العرب الخالدة " ج 2 من 2
5-          معركة الكرامة عندما عادت الروح المعنوية للعرب ، موقع العرب اليوم ، سامي محاسنة ،20/3/2014م .
6-          معركة الكرامة ، صحيفة القدس .
7-          معركة الكرامة ، موقع ويكبيديا .


الأربعاء، أبريل 16، 2014

بحث عن الصحافة الروسية في إسرائيل ، إعداد رنا شحاتيت



*نشأت الصحافة الإسرائيلية :

       نشأت الصحافة الإسرائيلية  قبل قيام الدولة العبرية  منذ فترة  الحكم البريطاني , وبدأت عملها إلى جانب القيادة اليهودية التي قادت نشاط الفصائل العسكرية والسياسية ,وعند إعلان الدولة عام 1948م كانت أول خطوة قامت بها حكومة دافيد بن غورريون تحويل إذاعة صوت القدس إلى إذاعة  إسرائيل , وأفرزت في تلك الفترة ما عرف ب " هيئة رؤوساء " تحرير الصحف التي تنضوي تحت لوائها رؤوساء تحرير  الصحف الحزبية والمستقلة  والسرية  والتي كانت تصدر في حينه , وواصلت   هذه  الهيئة  عملها بعد عام 1948م وشكلت الهيئة  دور أشبه ما يكون بالرقيب على الصحافة الإسرائيلية نفسها بمحض إرادتها لخدمة السلطة وتشمل آلية  عمل الهيئة  في تلقي المعلومات من كبار المسؤولين  كرئيس الحكومة ورؤساء الأجهزة الأمنية وضباط الجيش حول ما لايراد نشره بالدرجة الأولى .
يمر الإعلام الإسرائيلي بتحولات عميقة تتعلق بتطورات واسعة كالخصخصة واللبرلة  الإقتصادية  والدمقرطة السياسية  وتفكك الهيمنة الإجتماعية  والأيديلوجية للفكر الجماعي الذي اعتمده المجتمع اليهودي منذ بداية  الهجرة  الصهيونية  إلى فلسطين , يعتبر الإعلام الإسرائيلي تعددي وهناك مؤسسات إعلامية تنشر وتبث ما يحلو لكل مشاهد وتعرض وجهات نظر مختلفة  لكنها تبقى  تحت سيطرة القوانين , تعتبر نخبة أصحاب رؤوس الأموال والتي تنحصر في مجموعة من العائلات  في عالم الصحافة والنخبة السياسية  والأمنية  هي التي تسيطر على المؤسسات الرسمية المركزية  التي تقوم على سن  القوانين المتحكمة في الإعلام .
يمكن وصف الإعلام الإسرائيلي بتعدد المالكين فيه بسبب زيادة التنافس في مجال الصحافة والإعلام وتزايد تأثيرهما في الواقع الإجتماعي والسياسي  ويبرز هذا  في مقولة باحث الإعلام الأمريكي جون فيسك القائل : " إن الإعلام هو آلية هيمنة تتحكم بواسطة توفير تسلية حتى الموت " .
فالإعلام الإسرائيلي أنتقل مع مرور الزمن من إعلام يغلب عليه الطابع الإخباري الرسمي إلى إعلام تميزه المعلوماتية المسلية  الخاضعة  للأجندة الأمنية  الإستراتيجية المهيمنة ، في كل دولة مقامة على أرض الواقع تحتاج المؤسسات لصناعة سيطرة على المجتمع الموجود خصوصاً عندما نتحدث عن مجتمع متعدد الإثنيات والتركيبة مثل المجتمع الإسرائيلي ، هناك مؤسسات مثل المدرسة  والمؤسسات الدينية  والإعلام تلعب دور مهم في صناعة   السيطرة على  المجتمعات ومن ضمنها المجتمع الإسرائيلي وتحديداً المؤسسة الإعلامية  لدى المهاجرين الروس الذي سوف نتاول الحديث عنهم .














*المهاجرون الروس :

 مثلت نهاية الحرب الباردة أحد أهم العوامل الرئيسية التي ساهمت في إشعال فتيل الصراعات الإثنية  الداخلية عالمياً ، ومع ظهور النظام الدولي الجديد والشعور بالإستقرار فتح المجال أمام نظام اثني جديد داخل الدول حيث سعت الجماعات لتوظيف صلاتها الإثنية للتأثير على هذا  النظام وحماية مصالحها ، كذلك فإن العولمة زادت قوة الهويات الإثنية والتنظيمات القائمة على الإنتماء الدينية  وذلك بدل من أن تكون أضعفها ، إن التغييرات في وسائل الإتصالات خلق أسواق عالمية قرب شعوب العالم وأعادت رسم الحدود الإجتماعية  الجغرافية  التقليدية ، وخلقت اهتمام أكبر بالحدود الإثنية والعنصرية  ومن المعتقد أن تدفقات الهجرة هي إحدى المصادر الرئيسية  لتنامي الصراع الإثني وربما نتجت الصراعات عن صراع  إثني في بلد المنشأ .1
وهنا يكمن الحديث في الهجرة الروسية  أو مهاجري الإتحاد السوفييتي الذين قدموا إلى إسرائيل منذ عام 1990م والذين أطلق عليها " المهاجرون السوفييت " أو المسمى الإسرائيلي الشائع " المهاجرون الروس " والذين جاءوا بعد الإعلان عن المشروع الصهيوني بعد عام 1948م الذي كان هدفه هو جمع الشتات .
جاء المهاجرون الروس إلى إسرائيل على شكل موجات ، فالموجة الأولى كانت عام 1881م قدر عددهم حوالي 25000 مهاجر ، والهجرة الثانية  التي كانت في السبعينات التي كانت بين عامي 1975-1989م والتي قدر عدد المهاجرين فيها 156561 مهاجر ، من الإتحاد السوفييتي ، ومع تجدد الهجرة اليهودية من الإتحاد السوفييتي ابتداء من عام 1989م حتى عام 2001م وصل عددهم إلى نحو مليون مهاجر على الرغم من تنوع خلفياتهم حافظ المهاجرون على ما هو مشترك بهم هو اللغة الروسية  وأنشأو مؤسسات ثقافية  وشبكة من المنظمات المدنية وإضراب ممثلة لصالحهم وأصدوا صحف خاصة بهم وكانت رغبتهم في المحافظة على استقلالهم عن بقية المجتمع اليهودي وترددهم في الإندماج في سلوك المجتمع الإسرائيلي 2، لايمكن إغفال  أن المهاجرين الروس في إسرائيل يشكلون مجموعة إثنية جديدة تضاف إلى الإشكناز والشرقيين ، ويشكل الروس حوالي 16% من سكان إسرائيل وتعتبر أكبر جماعة جاءت من بلد منشأ واحد .

*بداية النشاط الصحفي الروسي :

يمكن تقسيم النشاط الصحفي  تاريخياً حسب المراحل التالية :
الصحافة العبرية  في روسيا وأوروبا في القرن التاسع عشر والتي شكلت الأساس لتوجهات الصحافة العبرية  بعد عقود طويلة ، والصحافة في فترة الإنتداب حتى نهاية  الحرب العالمية الأولى ، والصحافة  في ظل الإنتداب البريطاني وحتى قيام الدولة ، والصحافة ما بعد قيام دولة 3 .
بالنسبة للصحافة العبرية  في روسيا وشرق أوروبا في القرن التاسع عشر ، تميز النصف الثاني من القرن التاسع عشر  بإزدحام  الأفكار والرؤى المختلفة  لحل مشكلة اليهود في روسيا وأوروبا دعت بعض  الحركات المتنورة لفكرة الإندماج في المجتمعات التي يتواجد فيها اليهود واجهتها حركات أخرى دعت للإنعزال والحفاظ على التراث اليهودي ، بالنسبة للداعين للإندماج أصدروا صحف باللغة الروسية ومخالفوهم أصدروا صحف باللغة العبرية  وكان مجال الإختلاف والتباين هو شرعية  الإندماج  أومداه أو جدواه 4.
يمكن القول أن القرن التاسع عشر شهد نشاط صحفي عبري ضخم ليشير إلى عمق الجدل وتعدد  الرؤى وأختلاف المصالح بين الطوائف اليهودية والحركات الفكرية  التي عبرت صدر في هذا  القرن ما يزيد عن 160 صحيفة أو نشره في مختلف أنحاء أوروبا وكتبت في أهم  هذه الصحف كبار اليهود ولعب مقالاتهم دور في تهيئة البيئة  الخصبة  والمناسبات لنشوء الأفكار الصهيونية  الأولى ومن ثم الحركة الصهيونية  بمضمونها ونشر الأفكار والأراء المناهضة  لها5 .

    لقد حاول المهاجرون من الإتحاد السوفييتي  السابق الإحتفاظ بقدر كبير من الإستمرارية  الثقافية  والتجانس الإثني عن طريق تطوير وسائل الإعلام ووسائل للترفيه خاصة بهم ولعل في تاسيس الصحافة باللغة الروسية  خير تعبير عن هذا  ، قدرت عدد الصحف والمجلات والدوريات المنشورة  باللغة الروسية  في إسرائيل مابين 1989-1998م حوالي 137 إلا أن أغلبها تستمر طويلاً 6 .
جاءت أولى المحاولات الجادة لتأسيس صحافة  دورية  باللغة الروسية  في إسرائيل على يد مهاجري  السبعينات  لقد كان هناك العديد من العوامل التي أدت لظهور هذه الصحافة  من بينها عوامل تتعلق بإحتياجات المهاجرين الثقافية  في المراحل الأولى من عملية  الإستيعاب ومحاولة  التاثير على توجههم الأيدلوجي والسياسي وعوامل تتعلق برغبة  المستثمرين كم المهاجرين الإسرائليين القدامى على حد سواء في تحقيق الربح .واجهت الصحافة  الروسية في إسرائيل مشاكل ومعوقات بسبب الضغوط التي مارسها المجتمع الإسرائيلي على النخبة  المهاجرة بهدف دمجها في المجتمع بالإضافة  لمحدودية  سوق هذه الصحافة  ، لكن تدفق المهاجرين مع موجة التسعينيات أدى إلى النمو السريع لصحافة  اللغة الروسية  في إسرائيل ، كان في إسرائيل بحلول 1995م ، خمسون صحيفة وجريدة ملحقاً جريدة باللغة الروسية بالإضافة  إلى كونها مصدر أساسي للمعلومات عن الأنشطة المختلفة في المجالات الإجتماعية  والثقافية  والسياسية  فإن هذه  الدوريات  ذات تاثير كبير على علاقات  المجتمع المهاجر وعلى رموزه وعلى درجة ارتباطه بالمجتمع كلكل7 .





*الصحف والمجلات الروسية التي تصدر في فلسطين :

بدأت الصحافة  المكتوبة  باللغة الروسية  تصدر في فلسطين قبل قيام إسرائيل ومن الصحف التي كانت تصدر باللغة الروسة  في إسرائيل :
1-           الصحيفة الأولى " إيرتس يسرائيل فيسنرويكا دلوة إسرائيل في مرحلة البناء التي صدرت بعشرة أعداد بين السنين 1942- 1947م وكانت تصدر بتمويل من الوكالة  اليهودية .
2-           صحيفة  فالكورا التي صدرت مابين 1942م -1947م
3-           في السنوات مابين 1947- 1952 صدرت صحف بصورة منتظمة نشرات فيها:
أ‌-               صفحات أرض إسرائيل خاصة بالوكالة  اليهودية  وصدر جزء من الأعداد باسم " فالستينسكويا أوقوزرينيا" مراجعات عن دولة إسرائيل .
ب‌-         في الفترة ما بين 1959 – 1963م صدرت صحيفة  فيستنك يسرائيل صحيفة  إسرائيل في القدس ودعمت من الوكالة  الصهيونية 8.

تعزز موقع الصحافة  المكتوبة  باللغة الروسية  بعد موجة الهجرة اليهودية من الإتحاد السوفيتي بعد حرب حزيران 1967م بعد ثمانية أشهر من إنقضاء  حرب الأيام الستة  شباط 1968م صدرت الصحيفة الإسبوعية  " ناشا سترينا " " بلادنا"
نهاية  70 ومطلع 80 انضم لهاتين الصحيفيتين عدد من المجلات الإسبوعية  مثل : " كروج " " الدائرة  " 1977-1990، "إلف " 1981- 1997 ،سبوطنيك 1986 – 1990 .
هذا الإزدياد في عدد المجلات الإسبوعية  عكس موجة الهجرة الروسية  الثالثة  ورفع الطلب على الصحافة  الروسية على الحاجة المتزايدة للصحافة  من الجمهور الناطق باللغة الروسية  9.

عام 1989م بدأت تصدر الصحيفة  اليومية  " نوفو ستي نيدلي " ، عام 1991م صدر العدد الأول من صحيفة  " فيرما " (زمن ) التي كانت تمول من روبرت ماكسويل مالك صحيفة " معاريف " في ذلك الوقت ، بعد أن أشترت عائلة  نمرودي صحيفة معاريف وبسبب الخلاف في العمل فيما بين لموفر نمرودي وأعضاء  لجنة تحرير الصحيفة  ، انتقل رئيس التحرير والصحفيين ليديعوت أحرنوت وأقامو صحيفة  جديدة باللغة الروسية  إسمها " فيستي " هي أكثر أنتشار في وسط قراء  اللغة الروسية  اليوم والوحيدة التي مازالت تصدر بشكل كصحيفة يومية بشكل ثابت من بين المنشورات المختلفة  هناك أربع صحف يومية  بالروسية في إسرائيل :
1-           فيستي
2-           نوبستي نيدلي
3-           فريميا
4-           ناشا سترينا

في هذه  الفترة  شهدت الفترة  قرابة  60 مجلة  إسبوعية  ، 43 مجلة شهرية  ، مجلة تصدر كل شهرين ، عشر مجلات دورية  ، معظم هذه  المنشورات هي ملك لشركات الإعلام الثلاث " يديعوت " مجموعة " نوبستي نيدلي " " ع ش ر "10.

بالإضافة  للصحف هناك عدد من المجلات التي بدأت تصدر منذ السبعينيات :
1-           مجلة أريئيل والتي تعنى بالشؤون الثقافية والفنية  وهي من إصدار وزارة الخارجية ومستمرة حتى اليوم .
2-           مجلة نارود أي زراليا : الشعب الإسرائيلي صدرت منذ عام 1998م – 1988 أغلقت لأسباب إقتصادية .
3-           بانوراما إسرائيل : التي تسمى اليوم إسرائيل اليوم صدرت عام 1994 م كان المبادر لصدورها رئيس قسم الهجرة في الوكالة اليهودية أوري غوردون .
4-           مجلة تسيون : هي مجلة سميكية والتي تعنى بالشؤون الأدبية والفكرية  .
5-           مجلة زيركالو ( المرأة )
6-           مجلة نوتابيني (انتبه )
 بالنسبة  للصحيفة الأكثر رواجاً اليوم باللغة الروسية هي صحيفة فيستي التابعة ليديعوت أحرنوت نجحت في استنساخ صيغة ومبنى للصحيفة بالعبرية  ونقلها إلى روسيا مما أدى لنجاحها وتربعها على عرش الصحافة باللغة الروسية 11.

شكلت سنوات التسعينيات  أوج نمو الصحافة الروسية حيث وضح أبراهام بن يعقوب الذي أجرى بحثاً له في تلك السنوات قائلاً " الصحافة الروسية  لا تختلف عن أي موضوع يتم التعامل معه في الصحافة العامة ، ملاحق أسبوعية  وأقسام يومية   تعنى بشؤون الإقتصاد ، المجتمع ، الثقافة والفنون ، الرياضة ، الصحة ، علم الحاسوب ، التربية ، الأزياء ، البيت ، العائلة  ، الشائعات ، الترفيه ، أوقات الفراغ ، البرامج الجنسية ، جميع الملاحق ، كل ملحق حسب اختصاصه ، تتطرق إلى ما يحدث في إسرائيل وفي العالم وفي الإتحاد السوفييتي سابقاً " 12.



*المواضيع التي تتناولها الصحف الروسية :

1-           المواضيع الإقتصادية : وفيها تركيز على أشكال الإستهلاك أكثرمن التركيز على التحليلات الإقتصادية .
2-           المواضيع الإخبارية  : يمكن الحديث عن ثلاث أطر تناولها وهي أخبار عالمية  ، أخبار محلية  ، أخبار الشرق الأوسط ، أخبار الأتحاد السوفييتي خصوصاً روسيا وأكرانيا ويعود اهتمام القراء بما يحدث في تلك الدول خاصة بسبب وجود أقرباء لهم وغالباً ما تتغلب المشاعر الشخصية  على الموضوعية  وهذا  تصاغ الأخبار بحسب المفهوم والتحليل غير الموضوعيين للصحفي .
3-           المواضيع السياسية  : فإنها تتبنى التوجهات اليمنية  المتطرفة  لكن بعض  الصحف تحاول أن تكون أكثر موضوعية وتنجح في ذلك أغلب الأحيان أمثال صحفية (فيريما )(نوبستي نيدلي ) (ناشاسترينا)12.

*القواسم المشتركة ما بين الصحف باللغة الروسية  :

رغم كل هذه  الإختلافات بين الصحف باللغة الروسية  إلا أن الباحثون توصلوا لقواسم مشتركة وتباينات فيما بينها :
1-           انصهار : تقوم الصحف باللغة الروسية  على فلسفة أو أستراتيجية  معارضة  كل تنظيم يعمل على تطوير هوية  جماعية  مستقلة  عن الهوية  الإسرائيلية  التي تحافظ على نظم بلادهم الأصلية  وثقافتها  الصحف التي عكست  هذا  التوجه تأسست قبل موجة الهجرة  في سنوات التعسينيات توجه من الدول تهدف إلى الإندماج السريع للمهاجرين في المجتمع الإسرائيلي من الصحف التي دعمت هذا  التوجه" ناشا سترينا"،" بلادنا " صحيفة حزب العمل ، اهتمت هذه الصحيفة  أقل بكل ما يتعلق بمشاكل المهاجرين  من الإتحاد السوفييتي13 .
2-           اندماج : حاول هذا النوع من الصحافة  أن يحافظ على قدر كبير من الموضوعية  والإتزان عند تغطية  المجتمع الإسرائيلي واليهودي في العالم  ، غطت هذه الصحافة  مشاكل المهاجرين وضائقتهم ، ودعت هذه الصحف على ضرورة  الإندماج في المجتمع وخلال التكتل الإجتماعي وليس من خلال الذوبان وإلغاء  الذات ، الأمر الذي يدفع في مصالحهم إلى الأمام ، ومثال على ذلك صحيفة  " فريميا" تحول اسمها لصحيفة  " فيستي "14.
3-           الإنعزال : ركزت هذه  الصحف على مشاكل القادمين معتمدة على إلقاء المسؤولية  عن هذه الضائقة  على مجتمع المستقبل ومؤسساته / من أمثلة هذه الصحف صحيفة  " نوبستي نيدلي" "فريميا" صحيفة  " أحو" الإسبوعية  بالإضافة  إلى الصحف المحلية التي تتبع لهذا النوع من الصحف وأخذت على عاتقها صحيفة نوبستي نيدلي حماية المهاجرين والإتحاد السوفييتي وانتقدت اسلوب استيعاب المهاجرين ووصفته أنه إبادة شعب أي ضياع الهوية  والأمل15 .

توجه الصحف الروسية  وعرضها لمشاكل المهاجرين الإجتماعية  والنفسية  جعل المهاجر الجديد يشعر أن هناك قاسم مشترك بينه وبين المهاجرين الروس الأخرين في كل ما يتعلق بالمشاكل التي يواجهونها كمهاجرين إلى جانب إلقاء اللوم على الواقع الإجتماعي المحيط بهم وشددت هذه  الصحف على مصالح المهاجرين ، وطالبت بالعمل على تطوير الآلات تنظيمية  لمساعدة المهاجرين16 .


*التوجهات التي تعبر عنها الصحافة الروسية :

ويوجد ثلاث توجهات رئيسية  تعبر عنها الصحافة الروسية والمنظمات والأندية  الثقافية  الروسية  في إسرائيل :
1-           التوجه الإنصهاري : تعبر عنه الدوريات التي أسستها ومولتها جهات ومنظمات خاصة  بالإسرائيليين القدامى على الأخص "ناشاسترينا" التي لعبت دور في دعم وتأييد حزب العمل الإسرائيلي و "ألف" لعبت دور في خدمة اليمين السياسي .
2-           الدوريات ذات التوجه التكاملي : وهي بالأساس التي تم تأسيسها لأغراض تتعلق بتحقيق الربح أحيانا حتى من قبل مستثمرين ليس لهم أنتماء  سياسي محدد وهذه  الإصدارات تعد مساحة لقيادات المهاجرين السوفييت من موجة السبعينيات ولقيادات منظمات المهاجرين الذين تحقق لهم التكامل مع الكيان الإسرائيلي .
3-           الدوريات ذات التوجه الإنفصالي : وهو التيار الغالب والتي تعبر عنه الصحف ذات التوجه الإنفصالي وهي صحف قومية محلية يديرها رجال أعمال مهاجرون من الإتحاد السوفيتي السابق لاينتمون إلى الكيان الإسرائيلي ولاالكيان الروسي الإسرائيلي ،هذه الصحف شديدة الإنتقاد لكلا الكيانين تعني بمشكلات المهاجرين ، والتسلط على الأضواء على ما يتعرضون له من تمييز من المجالات المختلفة 17 .


يؤيد غالبية  المهاجرين من الإتحاد السوفييتي فصل الدين عن الدولة  وترفض التعصب الديني بسبب تأثرهم بالتربية والعلاقة مع الدين التي كانت لديهم في وطنهم الأم ، والعدد الكبير لغير اليهود بينهم .
يمكن إجمال صورة الصحفيين الروس جميعهم أكاديميون  وجزء بسيط منهم خريجوا إعلام من الإتحاد السوفييتي وقليل من الصحفيين منهم يعرفون لغة إضافية  على اللغتين العبرية والروسية  ، لكن رغم ذلك فإن كثيرين ليسوا بالمستوى المطلوب ، ولا بد من ذكر أن أغلبية  الصحفيين ذو توجهات يمنية متطرفة  وقليل منهم يدعمون حزبي العمل وميرتس ، وتعتبر الأجور في الصحافة الروسية أقل مما هو مألوف في الصحافة العبرية  ولا توجد للصحفيين عقود عمل أو حماية مهنية  18.
وتعتبر الصحف الروسية  صحف ذات ملكية  خاصة  ولذلك من المفروض  أن تكون صحف ربحية  بالإضافة  لذلك يبدو أن من المحتمل وجود أتفاق بين أصحاب الصحف بالروسية  على أسعار الصحف ، حيث جميع الصحف تباع ب 5 شيكل جديد عدا " فيد " تباع ب 3 شيكل جديد .
يتمثل التنافس الرئيسي بين الصحف في أسعار الإعلانات وكمية الصفحات ، وتشكل الإعلانات مصدر رئيسي في بناء الميزانية  ويعود هذا  إلى أن أسعار الصحف للمستهلك أقل من الصحف باللغة العبرية  ، معظم الأرباح التي تأتي من الإعلان وليس من كمية المبيعات ، عام 1988 بدأت صحيفة  فيستي بطريقة تسويقية  جديدة توجهت لمستهلكين في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا والإتحاد السوفيتي سابقاً وجنوب أمريكا استراليا من أجل تسويق الصحيفة هناك ، وتعمل الصحف الروسية على المستوى السياسي والإجتماعي على بناء الهوية  الخاصة  بالمجموعة الروسية  في إسرائيل 19.



*توجهات الروس الصحفية في المجتمع الإسرائيلي :

تكشف الصحافة الروسية  عن طبيعة التوجه الإجتماعي للمهاجرين من الإتحاد السوفيتي السابق ، فالمسافة الإجتماعية  بين المهاجرين الروس وبين الجماعات المختلفة داخل إسرائيل تجد تعبير واضح لهم في الصحافة باللغة الروسية  ، فعلى سبيل المثال يجد التوجه المعادي للدين بين المهاجرين أنعكاس له في عدم وجود جريدة دينية  واحدة باللغة  الروسية  بل تلعب الصحف الروسية  دور كبير في مواجهة الإحزاب الدينية  والمؤسسات الدينية ونجد هذه الصحف  مشحونة بالكراهية  ضدد العرب واليهود الشرقيين والأثيوبيين والإسرائيلين ، بينما تتحفظ الصحافة الروسية كثيراً على الثقافة الإسرائيلية  تظهر فخراً واعتزازاً كبيرين بالثقافة  الروسية  حتى أن البعض  يرى أن الصحف الناطقة  باللغة الروسية  كانت سبباً في تدعيم النظرة الإيجابية  للذات والشعور بالإستعلاء الثقافي لدى المهاجرين 20.
المهاجرون يلجأون عادة إلى تاسيس صحافة ناطقة  بلغتهم من أجل الإتصال بالمجتمع المضيف وتسهيل عملية التكيف معه ، الدوريات باللغة الروسية  تلعب دور في تحقيق التجانس الإجتماعي بين المهاجرين  وتوفر متنفساً لإحباطاتهم .
مصادر المعلومات بين المهاجرين هي بالأساس مصادر أثنية  أي أنها مصادر يتم إنتاجها داخل الجماعة الإثنية  وتنبع عن الثقافة الروسية  الأهم ، بعد البحث في نوعية  الإعلام يتعرض لها المهاجرون أخبر المهاجرون أن مشاهدتهم لقنوات تلفزيونية  باللغة الروسية تبث من الإتحاد السوفييتي السابق (عن طريق الأقمار الصناعية  ) تفوق بشكل واضح تعرضهم لقنوات مماثلة  تبث من داخل إسرائيل فيما يشاهد 77.2%من المستجوبين قنوات فضائية  روسية  بانتظام حيث يشاهد 25% برامج إسرائيلية  باللغة الروسية  بانتظام ويشاهد 24.6% التلفزيون الإسرائيلي باللغة العبرية بانتظام هذا  ولا يشاهد اي من المستجوبين البث التلفزيوني الإسرائيلي باللغة العربية بشكل منتظم .
وينطبق الأمر ذاته على الصحافة المطبوعة والإذاعة فوفقاً لنتائجنا يستمع 40.2% بشكل منتظم إلى محطة المهاجرين الناطقة باللغة الروسية Rega  بينما يستمع 20.9% فقط بشكل منتظم إلى الإذاعة الإسرائيلية  باللغة العبرية  هذا  ويطلع 59.7% من المبحوثين على الصحافة المحلية  باللغة الروسية ويطلع 8.9% من المبحوثين على الصحافة  المحلية باللغة الروسية ويطلع 8.9% بشكل منتظم على صحف ومجلات تنشر في الإتحاد السوفيتي السابق في الوقت الذي يطلع فيه 8.9% فقط على الصحافة العبرية  المحلية بشكل منتظم 21.















هذا  وتجدر الإشارة إلى أن تعرض المهاجرين إلى الأشكال المختلفة لوسائل الإعلام إنما يتاثر وإلى حد بعيد بدرجة إجادتهم للغة العبرية  بمستوياتها المختلفة  القراءة  والكتابة والسماع والتحدث والجدول التالي يوضح التعرض لوسائل الإعلام لدى الروس وعلاقته بإجادة اللغة العبرية :


وتدل النتائج على وجود علاقة قوية  بين إجادة اللغة العبرية  وتوعية  الإعلام التي يتعرض  لها المهاجرون ، هناك علاقة سلبية قوية  بين استهلاك الإعلام باللغة الروسية وبين إجادة اللغة العبرية ، هناك علاقة قوية  بين ارتفاع درجة التمكين من اللغة العبرية وبين استهلاك وسائل الإعلام باللغة العبرية 22  .

خلاصة القول :

تشير النتائج إلى أن وسائل الإعلام باللغة الروسية سواء  أكان بثها من داخل إسرائيل أم من داخل الإتحاد السوفيتي السابق تمثل مصدراً أساسياً للمعلومات وللخدمة الترفيهية بالنسبة للغالبية  العظمى من المهاجرين من الإتحاد السوفيتي السابق ومن بينهم المهاجرون الذين يجيدون اللغة العبرية .

















المراجع :

1-           أ.د ماجد الحاج ، الشتات الروسي في إسرائيل ، مدار المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية ، تشرين الأول ،2008 . ص26.
2-           د.أمل جمال ، الصحافة والإعلام في إسرائيل ، مدار المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية ، أيار ، 2005 .ص86.
3-           د.أحمد رفيق عوض ، لغة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي ، مكتب الشؤون الفكرية والدراسات ، الطبعة الأولى ، 2006. ص18.
4-           د.أحمد رفيق عوض ،مرجع سبق ذكره .ص18-19.
5-           د.أحمد رفيق عوض ،مرجع سبق ذكره.ص19-20.
6-           أ.د ماجد الحاج، مرجع سبق ذكره .ص144.
7-           أ.د ماجد الحاج، مرجع سبق ذكره .ص145.
8-           د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص85.
9-           د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص86.
10-     د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص87.
11-     د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص89.
12-     د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص91.
13-     د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص93.
14-     د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص94.
15-     د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص95.
16-     د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص96.
17-     أ.د ماجد الحاج، مرجع سبق ذكره .ص146.
18-     د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص92.
19-     د.أمل جمال ، مرجع سبق ذكره .ص92-93.
20-     أ.د ماجد الحاج، مرجع سبق ذكره .ص146.
21-     أ.د ماجد الحاج، مرجع سبق ذكره .ص147.
22-     أ.د ماجد الحاج، مرجع سبق ذكره .ص149.