الأحد، أكتوبر 19، 2014

معركة الكرامة ، كتابة رنا شحاتيت



معركة الكرامة :
هي معركة فاصلة في تاريخ الثورة الفلسطينية ،والتي دارت رحاها في بلدة الكرامة الأردنية في غور الأردن بتاريخ 21/3/1968م والتي اشترك فيها الفدائيين الفلسطينين والجيش الأردني والقوات الإسرائيلية من جهة أخرى ، وصف الإسرائيليون هذه  المعركة بالهزيمة النكراء فقد أطلق عليها من شهادات الجيش والإعلام الإسرائيلي ، منهم من أطلق عليهم " جهنم في الكرامة " " هزيمة الكرامة " بهذه الأوصاف  نعت الإسرائيليون قريتهم في الكرامة الخالدة 21 آذار  1968م التي كتب سطورها بواسل الجيش العربي بأحرف من ذهب في التاريخ العربي المعاصر ، حدثت المعركة على ثرى غور الأردن والذي سطر فيها الجندي الأردني أروع ملحمة بطولية تاريخية وسجل أول نصر تاريخي على الجيش الإسرائيلي المتغطرس ، وحطم أسطورته وغروره ، ونقشت معركة الكرامة بطولة جنود الجيش العربي على صفحات التاريخ .
الهجمة العربية  التي كانت في أسوأ أحوالها أثر هزيمة 1967م أنطلق من بمقامها عبر بوابات الجندية الأردنية لتحرير الأرادة العربية  وإعادة الثقة للجندي العربي والجيش العربي ، قال الحسين بن طلال عقب المعركة " إن إسرائيل لديها معدات وموارد لكننا أيضاً نعلم أننا هنا نعيش وهنا سنموت وإذا قدر لنا  أن نموت فإننا سنحاول أن يكون الثمن غالياً " كان يقوم العدو الإسرائيلي بحشد أفضل قواته المدربة والمجهزة بأحدث الأسلحة على ضفة نهر الأردن  وقد ضاعفت من نشاطها في الكشف والأستطلاع والتصوير في المواقع الأمامية قرب نهر الأردن ومقابل غور الصافي وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة ترصد المعلومات عن الشحود الإسرائيلية ، في 14 أذار 1968م أفادت المعلومات بأن العدو الإسرائيلي يقوم بحشد قواته على ضفة النهر واستطاعت قواتنا تحديد ساعة الصفر للهجوم حيث كانت الساعة5:30 في يوم 21أذار تم اشعار الوحدات الأمامية بساعة صفر .
كانت حسب اللواء المتقاعد عادل بني محمد الذي رأس المنطقة العسكرية الوسطى ل 3 سنوات للقوات الأردنية ومعها فدائيون يقدر عددهم بأقل من 100 مقاتل تصدوا لهذه القوات بكل كفاية وبمهمة قتالية عالية وجرت المعارك داخل مدينة الكرامة بالسلاح الأبيض  وتكبد العدو خسائر فادحة في الأرواح ولم يكن قادر على استعمال طيرانه وكانت أكبر الخسائر التي تكبدها  أثناء انسحابه من أرض المعركة إذ كانت قوة من الجيش الأردني تنتظره منذ الصباح وأثناء الإنسحاب تصدت له بالمدفعية وكافة الأسلحة وقد كانت للمفاجأة أثرها إذا لم تكن قوات العدو تتوقعها وكانت الخسائر كبيرة جداً غير متوقعة لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي تطلب الحكومة الإسرائيلية وقف إطلاق النار .
بالنسبة لنتائج المعركة تتحدث الأرقام عن نفسها من خلال استعراض خسائر الطرفين قدمت القوات الأردنية 86شهيد ، 108  من الجرحى ، خسرت 13 دبابة  ،39آلية  مختلفة ، تكبد الإسرائيليون 2500قتيل ، 450 جريح تدمير 88 آلية شملت 27 دبابة  18 ناقلة 24سيارة  مسلحة  19 سيارة شحن ، اسقاط 7 طائرات مقاتلة .
اعترف حينها الإعلام والجيش الإسرائيلي بقوة النار التي فرقت القوات الإسرائيلية  ودباباتهم ومدفعتيهم .
من المقولات التي نشرها مدونون إسرائيليون " الذي نشره أفتيار بن تسيدن قال "اعتراف واضح وصريح بأول هزيمة عسكرية يتذوقها الإسرائيليون منذ اغتصابهم فلسطين عام 1948م يقول بن تسيدف أحد الجنود المشاركين في معركة الكرامة " مرت أعوام من هزيمتنا في معركة الكرامة وهي أكثر الهزائم التي جرحت إسرائيل في الصميم ".
ويظهر على الموقع الإلكتروني الخاص برابطة المحاربين القدامى لسلاح المظليين الإسرائيليين موضوع معركة الكرامة تحت عنوان " معركة دموية في الكرامة " سرد فيه أن المدفعية الأردنية أبلت بلاءاً  حسناً خلال المعركة وأفشلت جهود مضيئة  لإحدى وحدات سلاح الهندسة الإسرائيلي التي كانت تحاول مد جسر فوق جسر الأمير عبد الله لتمكين الدبابات الإسرائيلية من العبور عليه باتجاه الأراضي الإسرائيلية .
ويضيف الموقع أن دبابات ومدفعية الجيش العربي الأردني فاجأ  قوة المدرعات الإسرائيلية  في المعركة وتمكنا من إصابة  عدد من الدبابات الإسرائيلة وأحرقها بالكامل وأجبرت الدبابات  على الدخول في مناطق مليئة  بالطين والوحل مما منعهم للإستعانة بسلاح الجو لتخفيف الضغط على القوات البرية  من لهيب المدفعية  ونيران الدبابات .




سبب الحرب :
محاولة قوات الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الشرقية  لنهر الأردن لأسباب تعتبرها إسرائيل استراتيجية ، كان التوتر بين الجانبين الأردني والإسرائيلي  بدأ قبل احتلال إسرائيل للضفة  الغربية  من  نهر الأردن  والتي كانت خاضعة  للمملكة الأردنية  الهاشمية  بعد حرب 1948م  حافظ فيها الجيش العربي الأردني على كامل الضفة الغربية  بما فيها القدس الشريف وأحتضن المقاومة الأردن المقاومة الفلسطينية  .

سمات المعركة :
 امتازت معركة الكرامة بتفوق العدو عدداً واستهتاره بالقوة العربية  سواء الفدائيين الفلسطينين أو الجيش الأردني ، كذلك ثقة العدو بالنصر  ، وعلى عكس الحروب الحربية السابقة  كانت قيادة  معركة الكرامة قيادة واعية  صامدة مضحية لأجل الأرض ، كان كل نصر في المعركة  يشكل بداية  لمرحلة جديدة لتحقيق مزيد من النصر ، وامتازت المعركة بالتلاحم بين الفدائي والأردني ، على عكس كل الحروب التي سبقت مثل حرب 48 والتي كان الإنقسام العربي فيها سبباً في الهزيمة ، كانت المعركة تشكل ميلاد فجر جديد في مسيرة النضال  ومحطة  لتحولات لاحقة أعادت كرامة العربي أول  نصر عربي على إسرائيل ، ونتيجة لذلك تضاعفت المقاومة في تمثيل الشعب الفلسطيني .

أهداف الهجوم الإسرائيلي في معركة الكرامة :
كانت القوات الإسرائيلية  تهدف بدايةً  إلى إيقاف العمل الفدائي الفلسطيني ، كان موشي ديان وزير الدفاع في ذلك الوقت يعتقد أن هذه مهمة سهلة لا تحتاج إلا لساعات معدودة ، بالإضافة  أنها كان تهدف لمعاقبة الأردن على   أحتضانه للعمل الفدائي الفلسطيني  وإمداده  للفدائيين  خلال اشتباكاتهم  مع الجيش الإسرائيلي ، والأهم من ذلك كله كانت تهدف لإحتلال مرتفعات السلط وتحويلها لحزام أمني لإسرائيل .
رغم أن إسرائيل  أعلنت أنها قامت الهجوم لتدمير قوة المقاومة الفلطينية إلا أنه الهدف لم يكن كذلك كما تبين الوثائق التي حصلت عليها المحابرات الأردنية  قبل أيام من المعركة حشدت إسرائيل قواتها لإحتلال مرتفعات البلقاء والإقتراب من العاصمة عمان وضم أجزاء جديدة من الأردن وتحويلها إلى جولان أخرى للتخلص من الهجمات المستمرة التي كان يقوم بها الفلسطينيون ، وكانت إسرائيل تسعى كذلك لإرغام الأردن على قبول التسوية  والسلام الذي تفرضه إسرائيل وبالشروط التي تراها وكمان تفرضها من مركز القوة ومحاولة وضع  ولو موطيء قدم على أرض شرقي نهر الأردن بإحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمني إسرائيلي .

نتائج المعركة :

1-            حققت المعركة نجاح باهر في إنهاء أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لايقهر خاصة أنها جاءت بعد نحو عشرة أشهر على عدوان الخامس من حزيران 1967م.
2-            جاءت المعركة في وقت كانت فيه الأمة العربية بحاجة إلى بارقة أمل يرفع عنها غبار القنوط واليأس الذي أكتنف الشعور العام للأمة العربية  بعد نكسة 1967م  .
3-            كانت المعركة نقطة تحول في تاريخ العرب المعاصر حيث استطاع الفدائيون الفلسطينون مع إخوانهم في الجيش الأردني أن يثبتوا للعالم أن أمتنا العربية  والإسلامية  قادرة على إحراز النصر .
4-            شكلت المعركة بداية  الأنتصار ضدد العدوان والظلم والغطرسة  الصهيونية .
5-            كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبيرة بالنسبة  لحركة فتح خاصة والمقاومة الفلسطينية  عامة  تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية  والتظاهرات الكبرى  قوبل بها الشهداء في المدن العربية  التي دفنوا فيها والإهتمام المتزايد من الصحافة الأمنية  بالمقاومة الفلسطينية  مما شجع بعض الشباب الأجانب على التطوع في صفوف المقاومة .
6-            أعطت معركة الكرامة معنى جديد للمقاومة تجلى في المظاهرات المؤيدة للعرب والهتافات المعادية التي أطلقها  الجماهير في وجه وزير خارجية إسرائيل  أبان جولته 7/5/1968م في النرويج والسويد حيث سمعت الآف الأصوات تهتف عاشت فتح .
7-            كانت معركة الكرامة نوعاً من استرداد جزء من الكرامة التي فقدها العرب منذ حزيران 1967م ، القوات المسلحة العربية لم  تتح لها فرصة القتال  ففي معركة الكرامة  أخفقت إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية  والإستراتيجية  لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت في زيادة خوفهم وإنعزالهم .


تعليقات على معركة الكرامة:

وبعد انتهاء المعركة صدرت العديد من ردود الفعل كان أبرزها، قول الرئيس الشهيد ياسر عرفات إن "معركة الكرامة شكلت نقطة انقلاب بين اليأس والأمل، ونقطة تحول في التاريخ النضالي العربي، وتأشيرة عبور القضية الفلسطينية لعمقيها العربي والدولي".
صحيفة "نيوزويك" الأميركية نشرت بعد معركة الكرامة: "لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم، وإن نتائج المعركة جعلت الملك حسين بطل العالم العربي".
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي في حينه حاييم بارليف، في حديث له: "إن إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران"، وقال أيضا في حديث آخر، "إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يعتاد الشعب في (إسرائيل) على مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصر حاسم لقواتنا".
وعلق أحد كبار القادة العسكريين العالميين، رئيس أركان القوات المسلحة في الاتحاد السوفياتي في تلك الفترة المارشال جريشكو، "لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية".
أما رئيس أركان الجيش الأردني حينها، الفريق مشهور الجازي فقال، "أقول بكل فخر، إنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الأردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار: كل البنادق ضد إسرائيل فكانت النتيجة مشرفة".
قال حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي في تصريح لوكالة اليونايتد برس يوم 29/3/68 "أن (إسرائيل) فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاث مرات ما فقدته في حرب حزيران حيث تصدت لها القوات الأردنية بكل ضراوة"و وصف قائد مجموعة القتال الإسرائيلية المقدم أهارون بيلد المعركة فيما بعد لجريدة دافار الإسرائيلية بقوله: لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط.
قال حاييم بارليف رئيس أركان الجيش الإسرائيليي في حديث له نشرته جريدة هارتس يوم 31/3/68 " إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في (إسرائيل) مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصرلقواتنا، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا والياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة.
قال أحد كبار القادة العسكريين العالميين وهو المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفياتية في تلك الفترة: لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية.
طالب عضو الكنيست (شموئيل تامير) بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في نتائج الحملة على الأرض الأردنية، لأن عدد الضحايا أكثر نسبياً في القوات الإسرائيلية.
قال عضو الكنيست الإسرائيلي شلومو جروسك  لا يساورنا الشك حول عدد الضحايا بين جنودنا، وقال عضو الكنيست (توفيق طوني) لقد برهنت العملية من جديد أن حرب الايام الستة لم تحقق شيئاً ولم تحل النزاع العربي الإسرائيلي


المراجع :
1-          معركة الكرامة " يوما من أيام العرب الخالدة " ج 1 من 2
2-          معركة الكرامة 21 آذار 1968
3-          معركة الكرامة
4-          معركة الكرامة " يوما من أيام العرب الخالدة " ج 2 من 2
5-          معركة الكرامة عندما عادت الروح المعنوية للعرب ، موقع العرب اليوم ، سامي محاسنة ،20/3/2014م .
6-          معركة الكرامة ، صحيفة القدس .
7-          معركة الكرامة ، موقع ويكبيديا .