الاثنين، يناير 02، 2012

خمسة تفسيرات علمية لعدم إمكانية اندلاع الثورات والتغيير في المجتمعات العربية وخمسة تفسيرات أخرى لأسباب وظروف اندلاع الثورات ونجاحها في العام 2011.

هذا سؤال أجبت عليه في مادة في الجامعة ... 

السؤال: تعتبر السلوكيات الجمعية تعبيراً عن نمط الشخصية والثقافة والعلاقات الاجتماعية السائدة. حتى نهاية العام 2010 تنافس الباحثون في تفسير نمط الشخصية والثقافة والعلاقات الاجتماعية التي لا تسمح بحصول ثورات أو تغيرات عميقة وجذرية في المجتمعات العربية. بعد اندلاع الثورات بدأ التنافس بين الباحثين في تفسير الأسباب والظروف التي أدت إلى اندلاعها وأسباب نجاحها.
 
تعيش البلدان العربية منذ تخلصها من الاستعمار في حالة من التخلف الحضاري بشقيه الثقافي و المدني ،  فالدول الناشئة تسعى دائما إلى التطور و تنمية مواردها في شتى المجالات سواء البشرية أو التكنولوجية أما في حالة الدول العربية فالأمر مختلف تماما ، ففي حين أن الشعوب العربية بحاجة ماسة إلى التطور و التنمية بعد ما عانت الأمرين في زمن العثمانيين و أشكال الاستعمار المختلفة  أهملت الحكومات العربية  مواطنيها و جعلت بينهم و بين المواطنين الذين يعيشون في الدول الديمقراطية فجوة واسعة في الثقافة و التكنولوجيا ،
 إن الناظر إلى الأنظمة العربية الحالية يجد أنها اعتمدت سياسات التجهيل لشعوبها، فحولت الدول إلى عزب لأشخاص النظام وزادت الفقير فقرا و الجاهل جهلا ، و استولت على الخطاب الديني الذي يتمتع بصدى و تأثير قوي على الشعوب العربية التي تصنف أنها من ضمن الشعوب العاطفية كما أحكمت الأنظمة الديكتاتورية سيطرتها على وسائل الإعلام التي باتت تمثل الناطق الرسمي باسمها و المنظر الرئيس لتوجهات هذه الأنظمة وسياساتها الداخلية و الخارجية ، لقد استنفذت الشعوب العربية طاقتها و هي تبحث عن لقمة العيش و تدور في دائرة مغلقة بين العادات و التقاليد و الدين من جهة و العولمة التي أذهلت هذه الشعوب من جهة أخرى ، فجأة وجد المواطن العربي نفسه يعيش حياة متأخرة عن العصر و غير مجدية للحضارة الإنسانية المعاصرة، لقد بات متلقيا و سوقا استهلاكية و إنسان خمولا بكل ما تحمل الكلمة من معنى .
 إن تغيرات العالم و ما يعيشه اليوم من توجهات و نداءات تصدح بحقوق الإنسان و حفظ كرامته و حرياته و حقه في الملكية و المساواة و العدالة الاجتماعية و حق الفرد في التعبير عن رأيه و مشاركته في صنع القرار السياسي و حقه في الحياة في دولة مدنية لا يحكمها العسكر و الحديد و النار و السلطة الإلهية المطلقة التي تذكرنا بالحكم في أوروبا إبان الثورة الفرنسية ، كل ذلك أدى إلى تعالي الأصوات و الآراء التي تنادي بثورة شاملة على الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة في الدول العربية التي اتخذت أشكالا لا تطاق من توريث للحكم و انتخابات مزورة تستخف بعقل الشعب تصل نسبة الفوز قيها لما يزيد عن 90%  و فترات رئاسة تدوم لأكثر من أربعين عاما ، تململت الشعوب العربية في  فترات عديدة لتغيير هذه الأنظمة عبر التيارات المعارضة إلا أن هذه التيارات في مرحلة من المراحل أضفت الصبغة الشرعية على هذه الأنظمة عندما شاركت أحزاب المعارضة في برلمانات هذه الأنظمة بصورة صورية خالية من المضمون و التأثير الحقيقي على القضايا التي تلامس هموم الشعوب و احتياجاتها، إن تلك المعارضة التقليدية لم تحقق أيا من آمال الشعوب العربية |ن سواء تلك المعارضة التي انبثقت من رحم التيارات الإسلامية التي نشأت بعد انهيار الدولة العثمانية مثل حركة الإخوان المسلمين أو تلك التيارات المعارضة التي ارتبطت في المعسكر الشرقي قبل سقوطه و تمثلت بالتيارات اليسارية ،
لم يجد الشاب العربي بدا أمام هذه الظروف المحبطة إلا أن تتنامى في روحه الثورية المطالبة بالحياة الكريمة و بالأخص الاقتصادية التي يجدها غائبة عن حياته عند مقارنة وضعه مع المواطن في دولة إسرائيل المجاورة و العالم الغربي،

لقد تناول رواد الفكر الإنساني موضوع الثورات و الإنقلابات السياسية محاولين رسم ملامح هذه الثورات قبل طفوها على السطح فبعضهم تحدث عن استحالة التنبؤ بالثورة و حتى إن كان ذلك التنبؤ قبيل حدوثها بساعة فقط ، فقد قالت عالمة الاقتصاد السياسي روزا لوكسمبورغ ( 1871-1919)، وهي تشير الى الثورات الأوروبية في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إن "الثورة لا يمكن التنبؤ بها ساعة واحدة قبل اندلاعها.  أما فيكتور هيجو الكاتب و الروائي الفرنسي المعروف فقد قال معلقا على انقلاب لويس بونابرت بقوله إن الثورات تندلع فجأة "كرعد من سماء صافية الأديم.

متى؟ وكيف؟ ولماذا تندلع الثورات؟،شاكر النابلسي،الحوار المتمدن - العدد: 3328 - 2011 / 4 / 6 - 16:30


و لكن هناك كتاب و مفكرون أشاروا إلى أسباب اندلاع هذه الثورات محاولين رسم ملامح لهذه الثورات و من هذه الأسباب

1-        السبب الاقتصادي : ويتمثل في الفقر حيث أن الشعوب العربية تطالب في حقوقها العامة و الأساسية و المنادة بحقوق الإنسان هو المدخل الأساس و الرئيس للعدالة الاقتصادية و توزيع الثروات داخل المجتمعات العربية ،حيث أن الثروات في الدول العربية متركزة في أيدي شريحة السياسيين و رجال الأعمال أما عامة الشعب فيعانون من ضيق الموارد المادية بالرغم من أن أغلب الدول العربية تتمتع بثروات طبيعية من شأنها أن توفر رفاهية عالية للسكان إذا ما استغلت بالشكل الصحيح فيها  وقد تنبه البنك الدولي لهذا الأمر بعد فوات الآوان  للنتائج العكسية لتوصياته و سياساته حيث ذكر في تقريره الاقتصادي الإقليمي في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا الذي نشر في السابع و العشرين من شهر قال به إن الغليان السياسي في المنطقة يبين بأن السياسات التي تستهدف النمو الاقتصادي في المنطقة في بلدان مثل تونس و مصر قد فشلت في تلبية احتياجات سكانها لأن " الأحداث التي تتكشف الآن تجعل من الواضح أن الإصلاحات لا يمكن أن تكون مستدامة ما لم تخلق وظائف لقوة العمل المتنامية بسرعة، و تكون مصحوبة بسياسات اجتماعية للأكثر ضعفا". و لا بد من الإشارة إلى دور الطبقة الوسطى في الثورات حيث يقتصر تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية على الشرائح الفقيرة والدنيا في المجتمع، بل إنه يتعدى ذلك إلى التأثير على الطبقات الوسطى الأكثر وعيا، والتي غالبا ما تربط أوضاعها الاقتصادية بمتطلبات سياسية أكثر اتساعا وتأثيرا في الوقت نفسه. فالطبقات الوسطى هي العامل المشترك والمؤثر في الغالب، إن لم يكن كافة الثورات البشرية، وربما يمكن القول بشكل عام إنه بدون هذه الطبقة لن تندلع ثورات بالمعنى الحقيقي والشامل للثورة؛ فبدونها سوف تكون حركة الفقراء والمعدمين مجرد هبات عفوية تنشد الخبز والمكاسب الفورية، وسوف تكون حركات الأثرياء مجرد انقلابات نخبوية تنشد كرسي الحكم وصولجانه. والثورة عبر هاتين الشريحتين لا تنتقل جغرافيا، كما أنها لا تستمر طويلا أو تُحدث تغييرات جذرية حقيقية.

تبقى إذاً ثورة الطبقات الوسطى هي الأكثر تأثيرا وارتباطا بالمزاج المجتمعي العام، فهي ثورة لا تحركها البطون، ولا تدفع إليها الرغبة في الرئاسة والهيمنة. من هنا يأتي تأثيرها بشكل واسع النطاق وأكثر تجذرا في السياق المجتمعي العام، ليشمل كافة الشرائح المجتمعية والجغرافية، وهو ما يفسر درجة الخوف من اندلاعها من قبل السياقات الرجعية المحيطة بها.
Political Stability in Arab States ،Paul Rivlin and Shmuel Even . pages (9/17/31)

حول أسباب اندلاع الثورات،د. صالح سليمان عبد العظيم،الخميس, 10 فبراير 2011 20:37

2-     و قد أشار الدكتور صالح سليمان عبد العظيم في مقالته قضايا و مناقشات و التي نشرت على موقع التجديد العربي إلى العامل السياسي في اندلاع الثورات

و يعود ذلك للقمع المباشر للحريات و ما يرتبط بذلك من مصادرة لكافة جوانب التعبير عن الرأي و هيمنة الصوت الواحد للنظام و يسرع القمع السياسي في الأساس من قيام الثورات فقد تتحمل الشعوب تأثيرات الفقر و تدهور الحالة الاقتصادية و انتشار التفاوتات الاجتماعية طالما انها تتمتع بالحد الأدنى من الحريات و بقدر ما من الاحترام و الكرامة .
عدم وجود تمثيل سياسي كفؤ يمثل الشعب يؤدي إلى اندلاع الثورات حيث أن مؤسسات الدولة لا تمثل الشعب و هي ليست خياره و لم تأت بطرق سليمة و ديمقراطية عبر صناديق الاقتراع لتمثل هذا الشعب و تقوم على خدمته .

حول أسباب اندلاع الثورات،د. صالح سليمان عبد العظيم،الخميس, 10 فبراير 2011 20:37

4-وسائل الإعلام
حيث أن وسائل الإعلام الحديثة أصبحت أهم عامل في انتشار الثورات في البلدان العربية  بإتاحتها للجماهير العربية هامشا من الحرية و الحديث في السياسة بشكل غير مراقب إلى حد ما من قبل أجهزة الدولة. فالفيس بوك و تويتر مواقع اجتماعية تقوم بوظيفة إنسانية راقية، يتواصل الناس عبرها من جميع أنحاء العالم توفر لهم عالم التواصل الدائم، وتكسر الحواجز بين شعوب الأرض ليتعرفوا على بعضهم البعض، تزيد من مساحة التفاهم المشترك، و تقلل من حجم الهوة بين الثقافات المختلفة، ان هذه المواقع هي نتاج الحضارة الإنسانية بشقيها الثقافي و المدني، ليس لأنها تمثل ثورة في الاتصالات والتكنولوجيا المتطورة  فقط، بل لأنها أخذت دورا لم يكن يتوقعه أحد، لقد انتقلت من كونها مواقع اجتماعية لتصبح مواقع ثورية تخافها الأنظمة الديكتاتورية في جميع أنحاء العالم و تسارع إلى حظرها حفاظا على كرسيها الهش،لقد لاحظنا في الآونة الأخيرة أن الفيس بوك و تويتر و يوتيوب هي مصادر الخبر المباشر من الجمهور نقلت لنا آلام الشعوب و تطلعاتها و أحلامها، نقلت لنا ما عجزت عن نقله وكالت الأنباء- بسبب حظر بثها - من مشاهد للمظاهرات و الاحتجاجات و القمع الممارس على الشعوب.
لتحرج هذه المواقع الأنظمة الديكتاتورية و كل نظام يستخدم القوة لمنع الجماهير من التعبير عن رأيها بحرية لتحرجها أمام العالم الدولي و شعوب العالم.
من تونس إلى مصر إلى ليبيا و سوريا و اليمن و المستقبل القريب و الذي سيحمل لنا الكثير من بشائر التغيير في جسم الأنظمة السياسية القمعية، لا شك أن الفيس بوك وتويتر وغيرها من صنف هذه المواقع سوف  تبقى تشكل خيار الشعوب في التعبير عن رأيها و إخبار العالم عما يجور في خلدها ما بقيت الأنظمة القمعية قائمة

.

5- وجود نموذج ديمقراطي في الشرق الأوسط و الذي يتمثل في إسرائيل حيث يحاكم فيها رئيس الدولة ويمثل أمام القضاء كغيره من المواطنين و يضطر رئيس الوزراء فيها   إلى تقديم استقالته بعد اتهامه بالفساد، الأمر الذي يشعر المواطن العربي بالهوة بينه و بين هذه الدول الديمقراطية .
قد تحدث الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان في مقالته عن الثورات العربية هذه مجرد البداية في صحيفة النيورك تايمز بن وجود حكومات مثل حكومة فياض التي تحمل شعار أحكم على أدائي و كيف أوفر الخدمات الاجتماعية و أجمع القمامة و أوفر فرص العمل و ليس على كيفية مقاومته للغرب و إسرائيل ، دفع إلى اندلاع الثورات العربية.

"هذه مجرد البداية"، الكاتب الشهير توماس فريدمان بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية


أما أسباب عدم اندلاع ثورات في الوطن العربي و عدم حدوث تغييرات على الشكل السياسي فهي
1-      حيث ذكر بول رفلن و حتّى شمؤيل في كتابهما الاستقرار السياسي في الدول العربية الأسباب الاقتصادية : حيث ان توفر الرفاهية لمواطني الدولة يؤدي إلى الاستقرار السياسي ، فالاستقرار الاقتصادي يؤدي إلى إشباع الحاجات الأساسية لدى الفرد و بالتالي يحقق الهدف الذي وجدت الدولة من أجله وهو خدمة المواطن .
2-         Political Stability in Arab States ،Paul Rivlin and Shmuel Even . pages (9/17/31)

2-البيروقراطية و مراقبة الدولة : حيث تأثرت بعض الدول العربية بالحركات الاشتراكية التي تهتم بالقطاع العام و العمالة و من هذه الحركات التي بدأت في عام 1950 في مصر و سوريا و العراق و اليمن و في عام 1960 في الجزائر باستخدام النموذج السوفيتي أممت هذه البلدان مواردها الاقتصادية .
Political Stability in Arab States ،Paul Rivlin and Shmuel Even( . pages (9/17/31

3-     الصراع العربي الإسرائيلي: حيث أن هناك دول عربية تشعر شعوبها بأنها تحمل أيديولوجيات ثورية ضد الاحتلال الإسرائيلي كما هو ظاهر في سياسة سوريا حيث قامت سوريا في عام 1982 بالمسارعة في التسلح ضد إسرائيل و أعلن مصطفى اطلاس وزير الدفاع السوري آنذاك أن سوريا تتخذ خطوات كبير لبناء قوتها الذاتية و تحقيق التوازن الاستراتيجي ، وهذا الأمر يدفع المواطن العربي حسب اعتقادي إلى الاعتقاد بأن النظام العربي القائم حاليا هو وحده القادر على المحافظة على أمن البلاد و استقرارها الأمر الذي يؤدي إلى عدم اندلاع إي أعمال تضر بمصلحة هذا النظام. 
"هذه مجرد البداية"، الكاتب الشهير توماس فريدمان ،بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية


4-      و قد ذكر عبد الوهاب الأفندي في كتابه الحركات الإسلامية و أثرها في الاستقرار السياسي في العالم العربي  أن القيادات الإسلامية تحاول جديا إعادة صياغة المشروع الإسلامي على أسس جديدة تعتمد على المشاركة السياسية السلمية و رفض العنف و تحاول تأصيل فكر فقهي و نظري من اجل تشكيل الأحزاب السياسية و التعددية، حيث أن المواجهة بين الحركات الإسلامية و النظم الحاكمة خلال الثمانينات و التسعينات أسهمت في نضج فكر الحركة الإسلامية و أن تعيد النظر في صياغتها للمشروع الإسلامي و آليات العمل لتحقيق هذا المشروع .
الأفندي عبد الوهاب ، وآخرون ،الحركات الإسلامية . .وأثرها في الاستقرار السياسي في العالم العربي،عدد الصفحات :  235- تاريخ النشر : 2002،الناشر : مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي


5-      محدودية التغيير في مناصب القيادات السياسية: و المقصود بالقيادات السياسية هي السلطة التنفيذية فبقاء القادة السياسيين على رأس أي نظام سياسي لفترة طويلة مؤشرا للاستقرار السياسي و لكن يجب أن يقترن ذلك برضا الشعب ، و يعد التغيير المتلاحق في المناصب القيادية أحد مؤشرات عدم الاستقرار السياسي.

الاستقرار السياسي ومؤشراته، رائد نايف حاج سليمان
الحوار المتمدن - العدد: 2592 - 2009 / 3 / 21 - 04:59









التوثيق



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق