الأحد، مايو 15، 2011

تحقيق صحفي (الأكياس البلاستيكية هل هي شر لا بد منه ؟)

الأكياس البلاستيكية هل هي شر لا بد منه ؟


أكياس البلاستيك السوداء تتغلغل في حياتهم ، وتورثهم السرطان .

" قطرة الماء تثقب الحجر لا بالعنف ولكن بتواصل السقوط " هذا ما قاله الشاعر الروماني (أفيد ) وهذا ايضا ما قاله الكاتب الاغريقي (كوريلوس ) بشكل اخر حين قال : "التقطير المتواصل يبلي الحجر ".

ماذا كان الشاعران الروماني والاغريقي يقصدان بقولهما هذا ؟
الواضح للوهلة الاولى هو أن الشيء الجليل قد ينشىء عن الشيء الصغير وأن الاشياء البسيطة كثيرا ما تحدث آثارا عظيمة ونتائج باهرة .
بمعنى أن وزارة البيئة والاقتصاد تعمل على إطلاق حملة لحماية البيئة وفيها يتم استخدام الأكياس الورقية بدلا من أكياس البلاستيك السوداء ، ربما تأتي بنتائج كبيرة في مجال حماية البيئة من بعض الأخطار التي تتعرض لها والتي قد يستلزمها وقت طويل للقضاء عليها .

رغم التحذير الشديد من المضار الصحية الناجمة عن حفظ الأطعمة والمواد الغذائية في الأكياس المصنعة من البلاستيك أو العلب البلاستيكية إلا أن استخدامها توسع لدرجة طال فيها اكثر المواد الغذائية حساسية ، وتجاهل ما توصلت إليه الدراسات من نتائج خطيرة تؤكد أن نقل أو حفظ الأغذية ضمن هذه الأكياس يشكل خطورة على الصحة ويزيد من فرصة الإصابة بالسرطان وخصوصا أن المادة الكميائية التي تدخل في تركيبة البلاستيك يمكن تفاعلها مع المادة الغذائية لتذوب المواد الضارة في الغذاء وهذا ما يعتبره،" الدكتور ياسر عيسى رئيس وحدة البيئة في وزارة الصحة في الخليل" أمرا خطيرا يقتضي البحث عن بدائل وليس الافراط في استخدام الأكيا س والعبوات البلاستيكية ، ويقول : أكياس النايلون البيضاء أقل خطورة من الأكياس السوداء وهي تصنع من مادة بولي ايثلين , ومن المفترض عدم وضع الطعام الساخن فيها وتسبب ضررا اذا تم تكرار استخدامها بشكل مستمر فسيؤدي هذا لوجود متبقيات من مادة البلاستيك في دم الانسان .

ويعقب استاذ الكيماء في جامعة الخليل فهد التكروري : بأن البلاستيك يغزو حياتنا بدءا من الاكياس ومرورا بوضع آوان بلاستيكية في المكيروريف وانتهاءا باستخدام ربات البيوت في تغليف بعض الاغذية ،ويضيف الدكتور التكروري بأن اكياس النايلون هي عبارة عن جزيئات طويلة ومتكررة قادرة على التحلل اذ انها عبارة عن مادة كيمائية ميتة موجودة في أكياس البلاستيك وتزداد خطورتها عندما لا تتحلل بعض الجزيئات مما يؤدي الى تفاعلها مع الأطعمة التي توضع فيها .

الأكياس السوداء خطر مضاعف :


ثبت علميا أن اكياس النايلون السوداء لا تصلح لتعبئة وتغليف المواد الغذائية , فالمواد الداخلة في صناعة هذه الأكياس هي في الأصل مواد بترولية يتم استعمالها غالبا بعد إعادة تدويرها مما يؤثر على المواد الغذائية ويتابع الدكتور العيسى أن المواد البلاستيكية يضاف إليها أصباغ لإعطائه اللون الأسود فتتسرب الملونات إلى السلع الغذائية وتذوب فيها مسببة مشكلات صحية للأنسان وهناك نوعان من الأكياس الملونة :
الجديدة والمدورة ،والثانية أشد خطرا من الأولى كونها تتعرض لعمليات حرارية تصل إلى 900-1300 درجة تؤدي إلى تفكيك المواد الأساسية المكونة للبلاستيك الأصلي أو الملون وانتقالها للطعام ومن المفروض ألا يستخدم البلاستيك المدور في حفظ الأغذية .

أكياس النايلون السوداء يمكن أن تصلح للقمامة على ألا تتعداها للمواد الغذائية لكن ما يحدث هو العكس لنجد هذه الأكياس في محلات السوبر ماركت والأسواق لتعتمد وبشكل اساسي في نقل المواد الغذائية وهذا ما قاله محمد عطاونة مدير وحدة وزراة الاقتصاد .

أستخدام أكياس البلاستيك يهدد حياتك :

تعتبر وجبة الفطور من الوجبات الرئيسية ويكثر الناس من تناول الفول المدمس والحمص وغيرها، لكنها اثبتت الدراسات الحديثة أنه من الممكن أن تسبب أمراض عديدة عن طريق المواد الداخلة في صناعة المنتجات البلاستيكية .

وقد أكد الدكتور صبري زغير ، رئيس قسم الأغذية والتصنيع الغذائي في جامعة الخليل : من خطورة تاثير تعبئة المواد الغذائية مثل الفول والحمص وهو ساخن في الأكياس البلاستيك خفيف الكثافة على الصحة العامة للإنسان ، وأوضحت دراسة أن تعبئة الفول أو الحمص وهو ساخن عند 100درجة مئوية في أكياس بلاستيك خفيف الكثافة لمدة 30دقيقة يؤدي إلى انتقال العديد من المركبات الكيمائية العضوية المعروفة بتأثيراتها السامة من جدران الأكياس إلى داخل الأطعمة الساخنة، وكذلك بالنسبة أيضا لوضع المشروبات الساخنة في كاسات بلاستيكية .
ويؤكد زغير على عدم استخدام أكياس النايلون البلاستيكية أيضا لحفظ اللحوم لأنها تسبب مواد مسرطنة لأن اللحوم تحتوي على مواد دهنية وبالتالي تتفاعل مع أكياس النايلون مسببة عدة أمراض وينصح الدكتور صبري بوضع اللحوم في أكياس ورقية ومن ثم وضعها في أكياس النايلون السوداء .

الأضرار البيئية لأكياس النايلون :


لم تقتصر أضرار أكياس النايلون بشكل عام على الصحة العامة بل يتعدى تأثيرها على التربة الزراعية ، فكثير من الأكياس تحملها الرياح وتندمج في التربة وخاصة في الأراضي حول القرى والمدن وبالقرب من الطرق العامة ، ويؤكد الدكتور ياسر عيسى أنها مواد قابلة للتحلل ولا تتم إعادة تصنيعها مما يجعلها عبئا على المكان الذي تستقر فيه مسببة تلوث التربة والهواء والماء ، حتى في حال حرقها , فهي تحتاج لمدة 100-200سنة تقريبا حتى تتحلل ، ونتيجة تعلق الأكياس بما تصادفه في طريقها فإنها تشوه المسحة الجمالية للبيئة وتعمل على إعاقة نمو النباتات عن طريق منع أشعة الشمس والهواء من الوصول اليها ، كما وتبتلعها الحيوانات مما يسبب انسداد القناة الهضمية وموتها وتعمل أيضا على سد خياشيم التنفس للأسماك مما يؤدي الى موت جماعي لهذه الاسماك .

رغم انتشار اكياس النايلون في جميع الإستخدامات إلا أنه يمكن الحد منها بالرجوع إلى استخدام أكياس الورق أو بدائل أخرى يقول أمجد قباجة رئيس قسم حماية المستهلك انه"في 14/12/1999م صدر عن وزارة صناعة الخليل منع تصنيع الأكياس السوداء للأستخدامات البشرية ومنع تصنيع الأدوات المنزلية وعبوات حفظ المواد الغذائية وكل من يخالف هذا القرار يعرض نفسه للمساءلة القانوينة ، وبدأ تنفيذه في 1/1/2000م ويقول انه تم ضبط 48 طن في الثلث الأول من عام 2010م من أكياس ومواد تصنع منها البلاستيك المدور.

ويؤكد المهندس نضال أبو عرام في وزارة الأقتصاد أن أكياس البلاستيك تصنع من مادة تسمى ( الأبسولت ) وهي مادة سهلة الصهر والتشكيل وهي مادة ضارة للصحة والبيئة ويمنع استخدامها وتسبب أمراض مثل السرطان والفشل الكلوي والذبحات الصدرية .

رأي الشارع الفلسطيني في استخدام أكياس البلاستيك :

يقول الحاج مازن بدر من الخليل 45 عاما ، " أنا أرفض استخدام أكياس النايلون لأنها مسببة لعدة أمراض خطيرة وتتفاعل مع الأطعمة التي بداخلها وأنا افضل استخدام الأكياس الورقية لأن منظرها جميل وتصلح لحمل كل الأغراض " .
أما السيد أسعد عرفة 35 عاما من الخليل " أنا لا أقبل شراء اللحوم في أكياس سوداء إلا اذا وضعت أولا : في أكياس بيضاء ثم سوداء ، لأنها مواد مسرطنة تتفاعل مع الدهون الموجودة في اللحوم " .

أما المواطن حسام شرباتي صاحب محل الحلويات في مدينة الخليل يقول " نحن نستخدم أكياس البلاستيك ذات ألوان بيضاء ، وغير ضارة وقد عممت علينا وزارة الصحة ذلك ، ونحن أذا وجدنا البديل يعني أكياس ورقية مثلا سوف نستخدمها بما يفيد المواطنين " .
أماالمواطن إياد نيروخ 33عاما ، صاحب محل بقالة يقول " أن وزارة الصحة منعت أستخدام اكياس البلاستيك السوداء ونحن نستخدم أكياس حمراء أو بيضاء ، اما السوداء فقط نستخدمها لحفظ المعلبات المختلفة ".
أما الحاج طلعت الشرباتي 75عاما ، صاحب محل خضروات فيقول " نحن نعرف أن الأكياس السوداء تسبب الأمراض المسرطنة لكنه ليس باليد حيلة لو كان هناك أكياس ورق لأستخدمناها ، والمواطن العادي يعرف أيضا ، فماذا نفعل ؟!" .

أما المواطن اسامة أبو العكر 35عاما ، صاحب ملحمة في مدينة الخليل ، " نحن لا نستخدم الأكياس السوداء إلا بعد أن نضع اللحوم في أكياس بيضاء ثم وضعها في أكياس سوداء ، ووزارة الصحة دائما تقوم بعمل دوريات فحص وإذا ضبطت أكياس البلاستيك السوداء نتستخدمها في حفظ اللحوم فتعمل على مخالفة صاحب المحلمة ومن ثم دفع مخالفة مالية " .

ويقول الدكتور ياسر عيسى " نقوم بعقد دورات من خلال البلديات والمجالس لتوعية المواطنين بخطر هذه الأكياس ، حيث يتم مراقبة المصانع والمواد التي تدخل في تركيب البلاستيك ومراقبة العمال واستخدام الكمامات للوقاية أو التقليل من الإصابة بالأمراض ".
ويتابع أما البديل " فهو استخدام أكياس ورقية ألا انها اكثر تلكفة من أكياس النايلون وبالتالي صناعة أكياس بلاستيكية قابلة للتحلل وأقل خطورة من أكياس النايلون السوداء المستخدمة " .

وإذا كانت الأكياس البلاستيكية السوداء خطر كبير يصعب تحليله ويؤثر على البيئة والكائنات الحية يستهلك العالم سنويا 500مليار كيس بلاستيك أي أنه يتم استهلاك مليون كيس في الدقيقة الواحدة فلماذا لا يتم العودة إلى الأكياس الورقية وحقائب التسوق المصنوعة من القماش ومنع استخدام أكياس النايلون السوداء لأنها ضارة بالإنسان والبيئة .
إلا أن السوال الذي يطرحه صاحب مصنع البلاستيك الفقير في حال أوقفوا إنتاج أكياس البلاستيك فما هو البديل من أين سيأتون بشجر أو أخشاب تكفي وتغطي حاجة السوق .


تحقيق صحفي اعداد رنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق