الجمعة، مارس 09، 2012

لجنة المتابعة العليا في إسرائيل


      أدت حرب عام 1948م إلى إقامة إسرائيل على 78% من مساحة فلسطين التاريخية ,وجد160.000نسمة داخل حدود الدولة اليهودية منقطعين عن الفلسطينيين، إرغموا على حمل الجنسية الإسرائيلية فتحولوا إلى أقلية في وطننا  التاريخي،(1 )و بلغ عددهم مع بداية  2009م، حوالي  1.200.000نسمة و هم يشكلون حوالي 17% من عدد السكان،(2) بعد النكبة حاولت المؤسسة الإسرائيلية إحباط قيام أي تنظيمات عربية قومية جديدة,وشكلت سبعينات القرن الماضي البذرة الأولى لنشوء طبقة من المثقفين و توسيع الطبقة الوسطى التي أعقبتها عمليات حثيثة  في بناء مؤسسات ذات طابع قومي لتنظيم المجتمع العربي في الداخل،(3)، نظرت الاقلية العربية إلى حاجتهم لرسم طريقهم نحو المستقبل و بلورة هوتهم الجماعة و صياغة برامج اجتماعية و سياسية، قد كانت مرحلة تكوين اللجنة و تأسيس اللجنة القطرية لرؤساء المجالس المحلية العربية مرحلة فاصلة  في تاريخهم (4).
إتبعت  إسرائيل سياسة تحرم الفلسطينيين في إسرائيل من تنظيم أنفسهم في أحزاب سياسية، ليتسنى  لها التحكم بهم و السيطرة عليهم ومنعهم من مقاومة السياسية الإسرائيلية، و في أعقاب حرب أيلول 1970م بين النظام الإردني و منظمة التحرير، أجرت الحكومة الإسرائيلية انتخابات للمجالس المحلية في الضفة الفلسطينية المحتلة، و كان هدفها إبراز زعامات على سدة المجالس المحلية يعتمدون في انتخابهم على الإنتماء العشائري و ليس على الإنتماء الثقافي أو الوطني، و يبدوا  أن نجاحها في ظل قمع لفصائل منظمة التحرير من جهة و مقاطعة هذه الفصائل للإنتخابات المجالس المحلية من جهة أخرى، و إيصالها لأشخاص موالين لها و للنظام الأردني في نفس الوقت، شجعها إلى محاولة نقل هذه  التجربة إلى داخل الفلسطينييين في إسرائيل،(5)، و نظراً للظروف المالية الصعبة التي تعيشها المجالس المحلية عملوا على عقد مؤتمرات للمطالبة بحقوق غيره كان من أبرزها المساواة مين المجالس المحلية العربية بااليهودية ،و بعد مصادقة إسرائيل على جزء من المطالبات تم  إنتخاب لجنة تنفيذية لرؤساء المجالس المحلية لتنفيذ المطالب، فضل رؤساء المجالس المحلية العربية وأن يرتبط اسمهم الجديد اللجنة القطرية لرؤساء المجالس المحلية العربية بمركز الحكم في إسرائيل ’ و اعترف باللجنة القطرية لرؤساء المجالس المحلية في تموز 1974م كمؤسسة من مؤسساتة(6).
بعد إزدياد حدة الأزمة المالية للمجالس العربية وسعيها لحل هذه الأزمة كثفت اللجنة القطرية إجتماعاتها مع مؤسسات السلطة و الرآي العام، حيث إتخذت اللجنة القطرية مجموعة من القرارات لمعالجة الأزمة، كان من ضمنها طلب عقد إجتماع لسكرتاريا اللجنة القطرية مع أعضاء الكنيست، و في 30 أكتوبر 1982م عقدت سكرتاريا اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية اجتماع مع أعضاء الكنيست في مقر اللجنة في شفا عمرو أسفر هذا الإجتماع عن إقامة لجنة المتابعة، حكومته من سكرتاريا اللجنة القطرية، و أعضاء الكنيست العرب للمعالجة أزمة المجالس المحلية العربية،من الملاحظ أن لجنة المتابعة في بداية تاسيسها أقيمت من أجل تحقيق هدف واحد و هو معالجة أزمة السلطات المحلية العربية و ليس لقيادة و تمثيل العرب في إسرائيل ،و كان يطلق عليها في وسائل الاعلام منذ بداية نشأتها إسم" لجنة متابعة ازمة السلطات المحلية العربية" (7).
كانت مرحلة تكوين لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل نقطة مفصلية في تاريخ تنظمهم و حازت اللجنة على المصداقية بكونها الهيئة التمثيلية العليا لجميع القوى و الهيئات السياسية و الشعبية الفاعلة(8).
من هي لجنة المتابعة ؟ لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية ؛هي كيان سياسي لا حزبي تأسس عام 1982م بهدف شمل و تركيز العمل السياسي للعرب الفلسطينيين في إسرائيل و التنسيق بين موسساته ،و تهدف هذة اللجنة إلى ؛
الدفاع عن الحق الجماعي و الفردي للمواطنين العرب.
إلغاء كافة أشكال وأسس التمييز العنصري.
وقف و إلغاء مصادرة الأراضي العربية و سياسة هدم البيوت.
تحرير الأوقات و المقدسات من سيطرة سلطات الدولة .
العمل على ايجاد حل لقصة اللاجئين .
. العمل على ايجاد الحل العادل لقضية المهجرين في وطنهم
. رفع مستوى تنظيم الجماهير العربية في إسرائيل
. التعاون مع القوى والحركات الديمقراطية التقدمية والسلامية اليهودية
العمل لالغاء التجنيد العسكري الإجباري.... (9).
و من العوامل التي ساعدت على إستمرار لجنة المتابعة الضغط المتواصل للعقليات التي لم يكن بمقدور اللجنة القطرية معالجتها لوحدها، كذلك إستمرار الأزمة المالية للمجالس المحلية العربية،وعجزها عن تجنيد دعمم جماهيري لمطالبها من ناحية و حاجتها إلى أعضاء  الكنيست ،كل هذه ساعدت على إستمرار اللجنة، وساعد تراكم القضايا التي يعاني منها العرب و زيادة حدتها إلى  زيادة قوة وأهمية لجنة المتابعة (10).
على عكس من اللجنة القطرية التي دعت  إلى منع الاضرابات الهامة ,يوم الأرض جاءت لجنة المتابعة دعوتها إلى مجموعة من الإضرابات العامة للعرب في إسرائيل، .فالجنة القطرية  دأبت دوماً إلى الحد من النضال العربي ووقف هذه الإضرابات العامة، ولم تتجرأ في الدعوة لها إلا مرة واحدة في أعقاب مجزرة صبرا و شاتيلا 1982م، من الملاحظ أن الإضرابات العامة التي دعت اليها لجنة المتابعة قوبلت باستجابة شعبية واسعة جداً و إنخراط عشرات الآلآف منهم(11).
يمتاز عمل و نشاط الجنة المتابعة بردود فعل آنية تكون عادة بإضراب عام ليوم واحد يجاوب معها الشعب بصورة عالية ثم يخبو نشاط لجنة المتابعة ويكاد أن يتقدم ،إلى أن تظهر مشكلة أو قضية جادة تعالجها لجنة المتابعة بخطوة إحتجاجية واحدة دون مواصلة أو متابعة أو تقسيم(12).
و لو جئنا لتركيب اللجنة فهي تتكون من، سكرتاريا اللجنة القطرية و أعضاء الكنيست سواء كانوا احزاب عربية أو صهيونية ممثل واحد عن الأحزاب السياسية التي تم اعتمادها في لجنة المتابعة ،.الاعضاء العرب في اللجنة المركزية في الهستدروت و ممثلين جمعيات أهلية، و أجسام آخرى و تمثل إشكالية  هذه  التركيبة أنها تهمش دور الأحزاب وتعطي الوزن من حيث العدد إلى فئات لا وزن لها سياسياً ،ولا  تستند إلى قاعدة شعبية، وتمنح وزن كبير لرؤساء المجال المحلية و على الرغم من مضي عقد و نصف العقد على لجنة المتابعة الإأنها تفتقر  إلى نظام داخلي ينظم عملها مما يجعل إدارتها و اجتماعاتها و جدول أعمالها و كيفية إتخاذ القرارات فيها مجهولا(13)ً
ترفض إسرائيل الإعتراف باللجنة كممثل للجماهير الفلسطينية، لكنها في نفس الوقت تتعامل معها و تأخذ قراراتها على محمل الجد إلا أن هنالك إنتقادات لادائها وفاعليها(14).
حيث لا توجد حتى الأن طريقة تحدد كيف تتخذ لجنة المتابعة قراراتها، و العادة تتم إتخاذ القرارات بالإجماع أو بالإتفاق دون إجراء تصويت، و في حالة عدم التمكن من الحصول إلى اجماع بعد إستنفاذ  كل المحاولات، فإنه من الضروري وضع طريقة لإتخاذ القرارات بالأغلبية أما بلنسبة لإجتماعات اللجنة فإنه لا يوجد إنتظام دوري لاجتماعات اللجنة، قد تجتمع 3مرات في العام،وقد تجتمع مرتين في الشهر،عدم الإنتظام  هذا  ألحق الضرر الكبير باللجنة  وعدم الإنتظام  قلل من فرص متابعة  تنفيذ القرارات  وحرم اللجنة  من  معالجة  قضايا هامة  التي  يعاني  منها العرب في إسرائيل (15) .
جهاز اللجنة :-
من المعروف أن  نجاح أي مؤسسة  يعتمد  على  تفرغ موظفيها لها  ، لكن لجنة  المتابعة  تعاني من عدم وجود جهاز  متفرغ   للجنة المتابعة  ، فرئيس اللجنة  منذ تأسيسها   وحتى اليوم  هو  هو السيد  نمر  حسين  يشغل  منصب  رئيس اللجنة القطرية  لرؤوساء السلطات المحلية  العربية  ، وبدون وجود جهاز  يضم  على  الأقل  عشرات المتفرغين  والثابتين  لايمكن  نجاح المؤسسة  ، أما بالنسبة  للميزاينة  فلا يوجد  ميزانية  للجنة  ، وتعتمد في مصروفاتها  على  مركبات لجنة المتابعة (16).
وهناك العديد من العقبات التي تواجه إعادة بناء اللجنة منها :- التناقضات  في المصالح  بين مركبات  اللجنة  المختلفة  ، وإنشغال  الأحزاب والحركات  الممثلة  فيها بأمورها الداخلية  وصراعاتها  مع الفئات الأخرى  ، فرؤساء اللجنة  إنتخبوا على أساس  حمائلي وطائفي ولبعضهم صلات  حميمة  مع  السلطة  الإسرائيلية  والأحزاب الصهيونية  ،  ومن الطبيعي  أنهم  لايريدون  صياغة  جديدة  للجنة  لئلا يضع حد على نفوذهم وتأثيرهم على  اللجنة  ، رغم  كل هذا إلا أن هناك مساعي مبذولة  لإعادة  بناء وتنظيم  لجنة المتابعة  فالوثائق  المتوافرة  تبين  أن  هناك  تمثيل  لكل شرائح  الشعب  الفلسطيني  من مجلس  محلية  ، نقابات  ، لجان  قطرية  ، أحزاب  ، ومازال هناك نقاش قائماً حول  تخصيص  نسبة  للتمثيل النسائي  ، وتعمل اللجنة  على  التخطيط لإقامة  صندوق قومي  والتحضير لإقامة  مؤسسات  نحو دائرة  الثقافة  والتراث  والحضارة  ، ودائرة  العمل  المحلي والبلدي  ودوائرها  الفرعية  من صحة  وتعليم ورفاه  وغيرها  ، بالإضافة  إلة مؤسسات  خدماتية  مختلفة  وإذا  ماأنجزت  هذه  المهمات  وأقيمت  الدوائر  المختلفة  فقد يصبح في المستطاع  أن يطلق  عليها  إسم " برلمان العرب " (17).
رغم عن كل المعيقات  إلا أننا نستطيع أن نقول  أن لجنة المتابعة  تعتبر تنظيم  قطري يقوم على الإنتماء  القومي  ولكنه ليس تنظيم قومي  ، وإذا  نجحت عملية  إعادة البناء من حيث التركيبة  وآليات تفعيل اللجنة  فلا شك أنه يشكل مستقبلاً تنظيم قومي ،فإذا كتب لهذه اللجنة النجاح ستتمكن الأقلية  بنل المجتمع الفلسطيني  إلى الأمام لمواجهة المؤسسة الإسرائيلية  ، فالعرب قادرون على أن يكونوا لاعباً يحسب له حساب وليس على الهامش .
المراجع :
1-أسعد غانم وأخرون ، الفلسطينيون في إسرائيل (سياسات الأقلية  الأصلية في الدولة الإثنية  )،مدار المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية  ، نيسان 2009م ،(صفحة72).
2- أسعد غانم وأخرون ، دليل إسرائيل عام 2011م ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية  ، 2011م ، الطبعة الأولى ، (صفحة315).
3- نديم روحان وأخرون ، الفلسطينيون في إسرائيل قراءات في التاريخ والسياسة والمجتمع ،(لجنة المتابعة العليا العربية )، المركز العربي للدراسات الإجتماعية التطبيقية  ، مدى الكرمل ، 2011م (صفحة 92-95.)
4- نديم روحان وأخرون ، مرجع سبق ذكره (صفحة 93-95).
5- محمود محارب ، العرب الفلسطينيون في إسرائيل ،القدس ،1998م ، (صفحة 7-8)
6- محمود محارب ، مرجع سبق ذكره (صفحة 13)
7- محمود محارب ، مرجع سبق ذكره (صفحة 24-27).
8- نديم روحان وأخرون ، مرجع سبق ذكره (صفحة 93-95).
9- موقع ويكبيديا العالمي .
10- محمود محارب ، مرجع سبق ذكره (صفحة 26-27).
11- محمود محاريب ، مرجع سبق ذكره (صفحة 28-29).
12- محمود محاريب ، مرجع سبق ذكره (صفحة 29).
13- محمود محاريب ، مرجع سبق ذكره (صفحة 29-30).
14- نديم روحان وأخرون ، مرجع سبق ذكره (صفحة 93-95).
15- محمود محاريب ، مرجع سبق ذكره (صفحة 30-32).
16- محمود محاريب ، مرجع سبق ذكره (صفحة 31).
17- نديم روحان وأخرون ، مرجع سبق ذكره (صفحة 97-98).






                                         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق